قال صالح بن دخيل الله : «اما عسيب فيوجد بالقرب من المدينة جبل بهذا الاسم فلعله الذي يقصده الاصمعي وقد يكون الذي بعالية نجد لان هناك مواقع أخرى لهذيل» , ثم أكّد صالح أنه في نجد , فقال : «عماية جبل بنجد قريب من عسيب وخنثل لم يرد مسماه في غير نجد» .
قلت : وهذا الكلام فيه من الجهالات ما فيه , منها :
1- تشويه كلام الأصمعي بهذا الترجي والأماني الفاسدة , فكلام الأصمعي واضح وسأبينه إن شاء الله .
2- ثم أكّد أن جبل عسيب جبل هذيل في نجد .
3- قرنه بأماكن متباينة جداً , تدل على عدم المعرفة بالبلدان في نجد والحجاز .
فإن الأخ صالح عندما وجدت كلام البلدانيين واللغويين مثل : قول الأزهري: «هو جبل , بعالية نجد , معروف , يقال: لا أفعل كذا ما أقام عسيب» , وقول ياقوت : «وعسيب، جبل بعالية نجد معروف، قال الأصمعي: ولهذيل جبل يقال له عسيب» , وقول الزبيدي : «جبل بعالية نجد معروف».
قلت : في جزيرة العرب ثلاثة جبال تحمل اسم عسيب .
الأول : جبل عسيب المنسوب لهذيل , نصّ عليه الأصمعي وهو حجة , ونقل ذلك لغدة في «بلاد العرب»(17) : «قال الأصمعي : ولهذيل جبل يقال له كبكب , وجبل يقال له كنثيل وجبل يقال عسيب» ا.هـ
وقال الزمخشري جار الله (المتوفى: 538 هـ) في «الجبال والأمكنة والمياه» : «عسيب: جبل لبني هذيل» .
قال : الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله في تعليقه على كتاب نصر (2/298) بعد أن نقل كلام الأصمعي : «وهذا الجبل يقع بين وادي المضيق ومكة في طرف وادي الزبارة من الجنوب» , وكذلك قاله الجاسر رحمه الله في تعليقه على كتاب الحازمي (2/679) .
وقال عاتق البلادي رحمه الله في «معالم مكة التأريخية والأثرية» (190) : «عسيب بفتح العين المهملة وكسر السين وآخره موحدة , جبل بارز مشهور في ديار هذيل يقع على طرف وادي الزبارة , وهو صدر وادي مرّ الظهران بعد اجتماع النخلتين , أهله بنو عمير من هذيل , وبعض الأشراف وغيرهم , كتب المتقدمين تخلط بين عسيب هذا وعسيب آخر بوادي النقيع قرب المدينة» .
الثاني : جبل عسيب المنسوب لسُليم الذي في جهة المدينة , نصّ عليه أبو عبيدة , نقل ذلك أبو العباس، المعروف بالمبرد (المتوفى: 285هـ) في كتاب «التعازي» (118) قال : «قال أبو عبيدة : عسيب جبل بأرض بني سليم إلى جنب المدينة» . وكلام أبي عبيدة في كتابه «مقاتل الفرسان» كما في «شرح شواهد المغني» للسيوطي .
وقد ذكره شعراء سُليم , منهم صخر بن عمرو بن الحارث بن الشريد السلمي أخو الخنساء فقد روى أبو العباس، المعروف بالمبرد (المتوفى: 285هـ) في كتاب التعازي والأصبهاني في كتاب الأغاني : سمع صخر أخته الخنساء تقول: كيف كَانَ صبره؟ فَقَالَ: صخر فِي ذَلِكَ:
أجارتنا إن الخطوب تنوب عَلَى النَّاس كل المخطئين تصيب
فإن تسأليني هل صبرت فإنني صبور عَلَى ريب الزمان صليب
كأني وقد أدنوا إليّ شفارهم من الصبر دامي الصفحتين ركوب
أجارتنا لست الغداة بظاعن ولكن مقيم مَا أقام عسيب
عن أبي عبيدة عسيب جبل بأرض بني سليم إِلَى جنب الْمَدِينَة وَقَالَ أَبُو عبيدة: فمات فدفن هناك، فقبره قريب من عسيب.
وروى الأصمعي في الأصمعيات قصيدة عباس بن مرداس بعد حربه مع قبيلة مراد بقيادة عمرو بن معديكرب الزبيدي , وقد ردّ عليه عمرو , فقال عباس بن مرداس :
(لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا ... وأقفر منها رحرحان فراكسا)
(فجنبي عسيب لا أرى غير ماثل ... خلاء من الآثار إلا الروامسا)
(ليالي سلمى لا أرى مثل دلها ... دلالا وأنسا يهبط. العصم آنسا)
وقد قرن عباس بن مرداس مع اسم عسيب اسم رحرحان واسم راكس , وهما في تلك النواحي .
قال أبو عبيد البكري (المتوفى: 487هـ) في «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» (3/944) : «عسيب بفتح أوّله، وكسر ثانيه، بعده ياء معجمة باثنتين من تحتها، وباء معجمة بواحدة: جبل قد تقدم ذكره فى رسم النّقيع، وهو فى ديار بنى سليم ، وهناك قبر صخر بن عمرو أخى الخنساء، وهو القائل:
أجارتنا لست الغداة بظاعن ... ولكن مقيم ما أقام عسيب
وقال عبّاس بن مرداس:
لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا ... وأقفر إلّا رحرحان فراكسا
فجنبى عسيب لا أرى غير منزل ... قليل به الآثار إلّا الروامسا» .
وقال أبو عبيد البكري أيضا في «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» (4/1324) : «وروى أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى الصبح فى المسجد، بأعلى عسيب، وهو جبل بأعلى قاع النقيع، ثم أمر رجلا صيّتا فصاح بأعلى صوته، فكان مدى صوته بريدا، وهو أربعة فراسخ، فجعل ذلك حمى، طوله بريد، وعرضه الميل» .
قلت : هذا الحديث ذكره الهجري و قال بعض أهل العلم : روى الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بأعلى عسيب ، وهو جبل بأعلى قاع النقيع ، ثم أمر رجلا صيتا فصاح بأعلى صوته، فكان مدى صوته بريدا، وهو أربعة فراسخ ، فجعل ذلك حمى.
قلتُ : وهو حمى الخيل .
قال أبو بكر الحازمي (المتوفى: 584هـ) الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة (2/679) : «بابُ عسيبِ وغشيبٍ : - بالسين المُهْمَلَة -: جبل حجازي، دفن عنده صخر أخو خنساء، قالت خنساء -:
أَجَارَتَنَا لأضستُ الغَدَاةَ بِظَاعِنٍ ... وَلَكِنْ مُقيمٌ مَ أقامَ عَسِيْبُ»
الثالث : جبل عسيب الموجود في نجد , قال أبو منصور الأزهري (المتوفى: 370هـ) في «تهذيب اللغة» (2/68) : «عسيب جبل بعالية نجد معروف » .
قلت : نقل كلامه ياقوت وغيره من أهل اللغة , في جنوب عالية نجد جبل اسمه عسيب , قال سعد بن جنيدل رحمه الله في «معجم الجغرافي لعالية نجد» (3/952) : «عسيب بعين مهملة مفتوحة ثم سين مهملة مكسورة بعدها ياء مثناة ثم باء موحدة , جبل أسود عالي , يقع في السوادة في ناحية الأرمض , في ملتقى بلاد قحطان ببلاد الدواسر , جنوب الركا» .
قلتُ : هو الذي ذكره الراعي النميري :
بميثاءَ سالتْ من عَسِيبٍ وخالطَتْ ... ببطنِ الركاءِ برقَةً وأجارِعا
كما لاحَ وشمٌ في يدَيْ حارثيَّةٍ ... بنجرانَ أدْمَتْ للنؤُورِ الأشاجعا
فهو المقصود في كلام الأزهري , ولعله هو الذي ذكره الجعدي :
أمغتربا أصبحت في دار مهرة ... ألا كل نجدي هناك غريب
إذا هب علوي الرياح وجدتني ... كأني لعلوي الرياح نسيب
ألا حبذا الإصعاد لو تستطيعه ... ولكن أجل ما أقام عسيب
فإن مر ركب مصعدون فقلبه ... مع المصعدين الرائحين جنيب
أمّا عسيب الذي في أبيات امرئ القيس :
أجارتنا إنّ المزار قريب ... وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أجارتنا إنا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب
فإن تصلينا فالمودَّة بيننا ... وإن تهجرينا فالغريب غريب
أجارتنا ما فات ليس يؤوب ... وما هو آت في الزمان قريب
وليس غريباً من تناءت دياره ... ولكنَّ من زار الترابَ غريب
فالذي يظهر من الأخبار أنه في الشام .
فبهذا يتضح أن جبل هذيل في تهامة , وليس كما تخيّل صالح بن دخيل الله أو قال إنه في نجد .
قلت : وهذا الكلام فيه من الجهالات ما فيه , منها :
1- تشويه كلام الأصمعي بهذا الترجي والأماني الفاسدة , فكلام الأصمعي واضح وسأبينه إن شاء الله .
2- ثم أكّد أن جبل عسيب جبل هذيل في نجد .
3- قرنه بأماكن متباينة جداً , تدل على عدم المعرفة بالبلدان في نجد والحجاز .
فإن الأخ صالح عندما وجدت كلام البلدانيين واللغويين مثل : قول الأزهري: «هو جبل , بعالية نجد , معروف , يقال: لا أفعل كذا ما أقام عسيب» , وقول ياقوت : «وعسيب، جبل بعالية نجد معروف، قال الأصمعي: ولهذيل جبل يقال له عسيب» , وقول الزبيدي : «جبل بعالية نجد معروف».
قلت : في جزيرة العرب ثلاثة جبال تحمل اسم عسيب .
الأول : جبل عسيب المنسوب لهذيل , نصّ عليه الأصمعي وهو حجة , ونقل ذلك لغدة في «بلاد العرب»(17) : «قال الأصمعي : ولهذيل جبل يقال له كبكب , وجبل يقال له كنثيل وجبل يقال عسيب» ا.هـ
وقال الزمخشري جار الله (المتوفى: 538 هـ) في «الجبال والأمكنة والمياه» : «عسيب: جبل لبني هذيل» .
قال : الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله في تعليقه على كتاب نصر (2/298) بعد أن نقل كلام الأصمعي : «وهذا الجبل يقع بين وادي المضيق ومكة في طرف وادي الزبارة من الجنوب» , وكذلك قاله الجاسر رحمه الله في تعليقه على كتاب الحازمي (2/679) .
وقال عاتق البلادي رحمه الله في «معالم مكة التأريخية والأثرية» (190) : «عسيب بفتح العين المهملة وكسر السين وآخره موحدة , جبل بارز مشهور في ديار هذيل يقع على طرف وادي الزبارة , وهو صدر وادي مرّ الظهران بعد اجتماع النخلتين , أهله بنو عمير من هذيل , وبعض الأشراف وغيرهم , كتب المتقدمين تخلط بين عسيب هذا وعسيب آخر بوادي النقيع قرب المدينة» .
الثاني : جبل عسيب المنسوب لسُليم الذي في جهة المدينة , نصّ عليه أبو عبيدة , نقل ذلك أبو العباس، المعروف بالمبرد (المتوفى: 285هـ) في كتاب «التعازي» (118) قال : «قال أبو عبيدة : عسيب جبل بأرض بني سليم إلى جنب المدينة» . وكلام أبي عبيدة في كتابه «مقاتل الفرسان» كما في «شرح شواهد المغني» للسيوطي .
وقد ذكره شعراء سُليم , منهم صخر بن عمرو بن الحارث بن الشريد السلمي أخو الخنساء فقد روى أبو العباس، المعروف بالمبرد (المتوفى: 285هـ) في كتاب التعازي والأصبهاني في كتاب الأغاني : سمع صخر أخته الخنساء تقول: كيف كَانَ صبره؟ فَقَالَ: صخر فِي ذَلِكَ:
أجارتنا إن الخطوب تنوب عَلَى النَّاس كل المخطئين تصيب
فإن تسأليني هل صبرت فإنني صبور عَلَى ريب الزمان صليب
كأني وقد أدنوا إليّ شفارهم من الصبر دامي الصفحتين ركوب
أجارتنا لست الغداة بظاعن ولكن مقيم مَا أقام عسيب
عن أبي عبيدة عسيب جبل بأرض بني سليم إِلَى جنب الْمَدِينَة وَقَالَ أَبُو عبيدة: فمات فدفن هناك، فقبره قريب من عسيب.
وروى الأصمعي في الأصمعيات قصيدة عباس بن مرداس بعد حربه مع قبيلة مراد بقيادة عمرو بن معديكرب الزبيدي , وقد ردّ عليه عمرو , فقال عباس بن مرداس :
(لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا ... وأقفر منها رحرحان فراكسا)
(فجنبي عسيب لا أرى غير ماثل ... خلاء من الآثار إلا الروامسا)
(ليالي سلمى لا أرى مثل دلها ... دلالا وأنسا يهبط. العصم آنسا)
وقد قرن عباس بن مرداس مع اسم عسيب اسم رحرحان واسم راكس , وهما في تلك النواحي .
قال أبو عبيد البكري (المتوفى: 487هـ) في «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» (3/944) : «عسيب بفتح أوّله، وكسر ثانيه، بعده ياء معجمة باثنتين من تحتها، وباء معجمة بواحدة: جبل قد تقدم ذكره فى رسم النّقيع، وهو فى ديار بنى سليم ، وهناك قبر صخر بن عمرو أخى الخنساء، وهو القائل:
أجارتنا لست الغداة بظاعن ... ولكن مقيم ما أقام عسيب
وقال عبّاس بن مرداس:
لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا ... وأقفر إلّا رحرحان فراكسا
فجنبى عسيب لا أرى غير منزل ... قليل به الآثار إلّا الروامسا» .
وقال أبو عبيد البكري أيضا في «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» (4/1324) : «وروى أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى الصبح فى المسجد، بأعلى عسيب، وهو جبل بأعلى قاع النقيع، ثم أمر رجلا صيّتا فصاح بأعلى صوته، فكان مدى صوته بريدا، وهو أربعة فراسخ، فجعل ذلك حمى، طوله بريد، وعرضه الميل» .
قلت : هذا الحديث ذكره الهجري و قال بعض أهل العلم : روى الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بأعلى عسيب ، وهو جبل بأعلى قاع النقيع ، ثم أمر رجلا صيتا فصاح بأعلى صوته، فكان مدى صوته بريدا، وهو أربعة فراسخ ، فجعل ذلك حمى.
قلتُ : وهو حمى الخيل .
قال أبو بكر الحازمي (المتوفى: 584هـ) الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة (2/679) : «بابُ عسيبِ وغشيبٍ : - بالسين المُهْمَلَة -: جبل حجازي، دفن عنده صخر أخو خنساء، قالت خنساء -:
أَجَارَتَنَا لأضستُ الغَدَاةَ بِظَاعِنٍ ... وَلَكِنْ مُقيمٌ مَ أقامَ عَسِيْبُ»
الثالث : جبل عسيب الموجود في نجد , قال أبو منصور الأزهري (المتوفى: 370هـ) في «تهذيب اللغة» (2/68) : «عسيب جبل بعالية نجد معروف » .
قلت : نقل كلامه ياقوت وغيره من أهل اللغة , في جنوب عالية نجد جبل اسمه عسيب , قال سعد بن جنيدل رحمه الله في «معجم الجغرافي لعالية نجد» (3/952) : «عسيب بعين مهملة مفتوحة ثم سين مهملة مكسورة بعدها ياء مثناة ثم باء موحدة , جبل أسود عالي , يقع في السوادة في ناحية الأرمض , في ملتقى بلاد قحطان ببلاد الدواسر , جنوب الركا» .
قلتُ : هو الذي ذكره الراعي النميري :
بميثاءَ سالتْ من عَسِيبٍ وخالطَتْ ... ببطنِ الركاءِ برقَةً وأجارِعا
كما لاحَ وشمٌ في يدَيْ حارثيَّةٍ ... بنجرانَ أدْمَتْ للنؤُورِ الأشاجعا
فهو المقصود في كلام الأزهري , ولعله هو الذي ذكره الجعدي :
أمغتربا أصبحت في دار مهرة ... ألا كل نجدي هناك غريب
إذا هب علوي الرياح وجدتني ... كأني لعلوي الرياح نسيب
ألا حبذا الإصعاد لو تستطيعه ... ولكن أجل ما أقام عسيب
فإن مر ركب مصعدون فقلبه ... مع المصعدين الرائحين جنيب
أمّا عسيب الذي في أبيات امرئ القيس :
أجارتنا إنّ المزار قريب ... وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أجارتنا إنا غريبان هاهنا ... وكل غريب للغريب نسيب
فإن تصلينا فالمودَّة بيننا ... وإن تهجرينا فالغريب غريب
أجارتنا ما فات ليس يؤوب ... وما هو آت في الزمان قريب
وليس غريباً من تناءت دياره ... ولكنَّ من زار الترابَ غريب
فالذي يظهر من الأخبار أنه في الشام .
فبهذا يتضح أن جبل هذيل في تهامة , وليس كما تخيّل صالح بن دخيل الله أو قال إنه في نجد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق