بسم الله الرحمن الرحيم
#فوائت_بلدانية (عُريعِرَة)
قال ياقوت : عريعرة تصغير عرعرة بتكرير العين والراء وعرعرة الجبل غلظة معظمه ، وهو ماء لبني ربيعة ، وقال الحفصي : عريعرة نخل لبني ربيعة باليمامة ، وقال الأصمعي : هي بين الجبلين والرمل وقالت امرأة من بني مرة يقال لها أسماء :
أَيا جَبَلَي وادي عُريعِرَةَ الَّتي
نَأَت عَن نَوى قَومي وَحقَّ قُدومُها
أَلا خَلَّيا مَجرى الجَنوبِ لَعَلَّهُ
يَداوي فُؤادي مِن جَواهُ نَسيمُها
وَكَيفَ تُداوي الريحُ شَوقاً مُماطِلاً
وَعَيناً طَويلاً بالدُموعِ سُجومُها
وَقَولا لِرِكبانٍ تَميمِيَّةٍ غَدَت
إِلى البَيتِ تَرجو أَن تُحَطَّ جُرومها
بَأَنَّ بِأكناف الرَّغامِ غَريبَةً
مُوَلَّهَةً ثَكلى طَويلاً نَئيمُها
مُقَطَّعَةً أَحشاؤُها مِن جَوى الهَوى
وَتَبريح شَوقٍ عاكِفٍ ما يَريمُها
وأتممت الأبيات من كتاب القالي .
قال الشيخ حمد الجاسر رحمه الله في معجم شمال المملكة : «مفهوم كلام صاحب معجم البلدان الذي نقل عن الأصمعي أن عريعرة تقع بين جبلى طيء وبين الرمل القريب منهما إذ الجبلان عند الإطلاق يقصد بهما سلمى وأجا جبلا طيء» .
ثم ردّ ذلك ، ورجّح التي في عالية نجد والتي ذكرها لغدة رحمه الله في بلاد العرب (129) عندما عدّد مياه بني ربيعة بن عبد الله من بني أبي بكر بن كلاب ، فقال : «وعريعرة ماءة بين الجبلين والرمل».
قلت : لقد وقع لبس بسبب تشابه أسماء المواقع ، وتشابه أسماء أهلها ، بل وتشابه صفة الموقعين وأنه بين جبل ورمل ، الصحيح التفصيل : أولاً : أن (عُريعِرَة) التي ذكرها الحفصي ليست هي (عُريعِرَة) التي ذكرها الأصمعي ونقل كلامه لغدة .
ثانياً : ان (عُريعِرَة) التي ذكرها الحفصي هي نخل في وادٍ تسمّى باسمها .
ثالثا : أن (عُريعِرَة) التي ذكرها الأصمعي ولغدة هي ماءة .
رابعاً : أن (عُريعِرَة) التي ذكرها الحفصي لبني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن (تميم) وهم ربيعة الجوع .
خامساً : أن (عُريعِرَة) التي ذكرها الأصمعي ولغدة لبني ربيعة بن عبد الله من بني أبي بكر بن كلاب .
سادساً : أن (عُريعِرَة) التي ذكرها الحفصي واد ينزل من جبل طويق مقابل لمدينة الزلفي في بلاد ربيعة الجوع من تميم .
وهذا موقعها :
https://www.google.com/maps/@26.3280861,44.8294656,2211m/data=!3m1!1e3
وهذه صورلعريعرة من النت
سابعاً : أن (عُريعِرَة) التي ذكرها الأصمعي ولغدة في عالية نجد بالقرب من الخاصرة ، والجبلان المذكوران هما جبلا الضمر والضائن ، (الضمران) و (الضينية) في بلاد بني عبد الله بن أبي بكر بن كلاب .
وهذا موقعها :
https://www.google.com/maps/@23.4851821,43.7685708,4525m/data=!3m1!1e3
قال عبد الله بن خميس رحمه الله في معجم اليمامة (2/156) : (عُرَيْعِرَة) معروفة الآن في شعب من شعاب (طويق) مقابلة لبلدة الزلفي من الشرق بميل نحو الشمال ، شعب ضيّق به نخيل وسكان .
أمّا الأبيات فالمقصود بها (عُريعِرَة) التي لبني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن (تميم) وهم ربيعة الجوع ، وقد وقع وهم عند القالي في الأمالي وهو راوي هذه الأبيات ، فقال في الأمالي (2/197) : «قال وأنشدنا أبو بكر بن دريد رحمه اللّه قال أنشدنا عبد الرحمن عن عمه لأسماء المرّيّة صاحبة عامر الطّفيل»
قلت: وهذا وهم كما نبه عليه البكري في شرح الأمالي .
أولا : صاحبة عامر بن الطفيل فزارية وليست مُرية ، كما ذكر هو ذلك في قصيدته التي قالها يوم (الرقم) فقال :
ولَتَسْأَلَنْ أَسماءُ وَهْيِ حَفِيَّةٌ
نُصحاءَها أَطُرِدْتُ أمْ لَم أُطْرَدِ
قالوا لها: فَلَقَدْ طَرَدْنَا خَيْلَهُ
قُلحَ الكِلابِ وكنتُ غيرَ مُطَرَّدِ
فلأَبْغِيَنَّكُمُ المَلا وعُوَارضًا
ولأُهْبَطَنَّ الخيلَ لابَةَ ضَرْغَدِ
بالخيلِ تعثُرُ في القصيدِ كأنها
حِدَأٌ تَتَابَعُ في الطريقِ الأَقْصَدِ
يا أَسْمَ أُخْتَ بَنِي (فَزَارَةَ) إنَّني
غازٍ وإنَّ المرءَ غيرُ مُخَلَّدِ ...الخ
ثانياً : أنها وصفت الوادي والنفود (الرغام) وصفاً ينطبق على (عُريعِرَة) الزلفي
ثالثاً : أنها ذكرت الركب التميمي الذي يريد الحج ، و(عُريعِرَة) الزلفي من بلاد بني ربيعة بن مالك من (تميم) ، فلعلها من بني مُرّة وهو (الظليم) من بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهم ربيعة الجوع ، فهم أهل تلك البلاد مثل (سَمْنان) و (الأُمْيِلح) وغيرها .
وتكون الشاعرة تعني بالجنوب ، الجنوب القريب لها في تلك النواحي ، وهو الطريق لمن يريد الذهاب إلى الحج والبيت ، فأيسر خُلول الرمل ومسالكه هو الخَل الذي بقرب أشيقر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق