05‏/09‏/2018

#فوائت_بلدانية ، موقع (الزُّجَيْج) (زُجّ لاوة) وموقع (رُّخَيْخ) وموقع ثالث مشابه لهما .

                                                                 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين . 

هذا بحث مختصر عن مواقع ورد لها ذكرٌ في كتب السنة أو أشعار العرب أو أخبارها ، وهي متشابهة في الرسم مما أوقع الكثيرين في اللبس والخلط بينها ، ومن هذه المواقع : موقع (الزُّجَيْج) (زُجّ لاوة) وموقع (رُّخَيْخ) وموقع ثالث مشابه لهما .

 قال الأمام أحمد في المسند (حديث:‏19865‏) : حدثنا يونس ، حدثنا عمر بن إبراهيم اليشكري ، حدثنا شيخ كبير من بني عقيل يقال له : عبد المجيد العقيلي ، قال : انطلقنا حجاجا ليالي خرج يزيد بن المهلب ، وقد ذكر لنا أن ماء (بالعالية) يقال له : (الزجيج) ، فلما قضينا مناسكنا جئنا حتى أتينا (الزجيج) ، فأنخنا رواحلنا ، قال : فانطلقنا حتى أتينا على بئر عليه أشياخ مخضبون يتحدثون ، قال : قلنا هذا الذي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين بيته ؟ قالوا : نعم صحبه ، وهذاك بيته ، فانطلقنا حتى أتينا البيت ، فسلمنا ، قال : فأذن لنا فإذا شيخ كبير مضطجع يقال له : العداء بن خالد الكلابي ، قلت : أنت الذي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، ولولا أنه الليل لأقرأتكم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي ، قال : فمن أنتم ؟ قلنا : من أهل البصرة ، قال : مرحبا بكم ، ما فعل يزيد بن المهلب ؟ قلنا : هو هناك يدعو إلى كتاب الله تبارك وتعالى وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فيما هو من ذلك ؟ قال : قلت : أيا نتبع هؤلاء أو هؤلاء ، يعني أهل الشام أو يزيد ، ؟ قال : إن تقعدوا تفلحوا وترشدوا ، إن تقعدوا تفلحوا وترشدوا ، لا أعلمه إلا قال ثلاث مرات ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وهو قائم في الركابين ينادي بأعلى صوته : «يا أيها الناس ، أي يوم يومكم هذا» ؟ ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال :  «فأي شهر شهركم هذا» ؟ ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال :  «فأي بلد بلدكم هذا»؟ ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال :  «يومكم يوم حرام ، وشهركم شهر حرام ، وبلدكم بلد حرام»  ، قال : فقال : «ألا إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، إلى يوم تلقون ربكم ، فيسألكم عن أعمالكم» ، قال : ثم رفع يديه إلى السماء فقال : «اللهم اشهد عليهم ، اللهم اشهد عليهم» ، ذكر مرارا فلا أدري كم ذكر . ا.هـ

قلتُ : هذا سندٌ حسن ، والحديث صحيح ، دون قوله (الكلابي) فهذا وهمٌ من عمرَ بن إبراهيم اليشكري ، فليس العداءُ كلابيا وإن كان عامريا ، وقد روى هذا الحديث وتابع عمرَ بن إبراهيم اليشكري جماعةٌ بدون ذكر الكلابي ، بل قالوا : (العداء بن خالد بن هوذة) ، منهم :

 1- :المنهالُ بن بحر العقيلي ، كما عند الروياني في مسنده (1507) وابن سعد في الطبقات الكبرى (7 : 27) والطبراني في المعجم الكبير (14457) ، وهذا سندٌ صحيح .
 2-:  وكيع بن الجراح عند أحمد بن حنبل في المسند (19864) ، وأبي داود  في السنن (1651)‏ ، و ابن أبي شيبة في المصنف (36464) ، وعند أبي نعيم في معرفة الصحابة (2286)  ، وهذا سند صحيح . 
 3-:  سفيان بن نشيط البصري عند البخاري في خلق أفعال العباد (399) . 
 4-:  عثمان بن عمر العبدي عند أبي داود  في السنن (1651)‏ ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (7 : 27) ، والبخاري في التاريخ الأوسط (393) ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1353) وهذا سند صحيح . 
 5-:  المعافى بن عمران الأزدي عند أبي نعيم في معرفة الصحابة (2286) ، وابن مندة في معرفة الصحابة (283) .
 6-:  المنهال بن عمرو الأسدي عند أبي نعيم في معرفة الصحابة  (5122) .
وغيرهم .    

وحديث العداء في بيع  العبد أو الأمة وكتابه في ذلك ، أخرجه البخاري تعليقاً ، وقد جمع طرقه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق  (3/216) .

 ونسب العداء ، هو العداء بن خالد بن هوذة بن خالد بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن ، وعمرو بن عامر هو فارسُ الضَّحيَاءِ في الجاهليّة ، وبنوه : هم بنو فارس الضَّحيَاء .
و هذا نسبه كما في المعجم الكبير للطبراني وطبقات ابن سعد وغيره .

ووقع عند الجميع :( الزُّجَيْجُ) وهو الصحيح كما سيأتي ، ووقع مصحّفحا في بعض الطرق ، وهذا التصحيف قديم ، ولكنه وقع بصور مختلفة منها : (الرُّخَيْخ) ، و (التَّرحِيح) ، و(الرجيج) ، و(الزخيخ) ، و(الزجيخ) ، و(الدجيج) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ترجمة العداء بن خالد رضي الله عنه وعن أبيه في الإصابة (4/466) : «وفد على النبي صلى الله عليه و سلم فأقطعه مياها كانت لبني عامر يقال لها الرخيخ بخاءين معجمتين مصغرا وكان ينزل بها» ، وقال أيضا في تهذيب التهذيب (7/148) : «وأقطعه مياها كانت لبني عامر يقال لها الرخيخ بخائين معجمتين».

قلتُ : وهذا خطأ منه رحمه الله بل الصحيح هو : (الزُّجَيْج) ، بزاي وجيمين ، والأدلة على هذا : 

1- : جل الطرق وأكثرها التي رواها الثقات والحفاظ ، وردت بلفظ (الزُّجَيْج) .

2-: ورد في حديث آخر رواه البخاري في التاريخ الكبير (حديث:‏642‏ ) :  قال لي قيس بن حفص : نا سليم ، سمع جهضم بن الضحاك ، قال : مررت (بالزجيج) ، فقال العداء بن خالد : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حسن السبلة ، وكانت العرب تسمي اللحية السبلة .
وهو في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني (‏5023‏) ، وفي المعجم الكبير للطبراني  (‏14858‏).
وخّرج الألباني الحديث في السلسلة الضعيفة (12/855) وقال بعد أن ضعّف الحديث : ( تنبيه ) : وقع في الأصل ( بـ النرجيج ) . والمثبت من (( المجمع )) ، ولعله الصواب ، و (الرجيع) : ماء لهذيل قرب الهدأة بين مكة والطائف ، ووادٍ قرب خيبر . كما في (( معجم البلدان )) ا.هـ 
قلتُ : ما نبّه عليه الألباني -رحمه الله- في التنبيه ، كلّه خطأ واضح وتصحيف بيّن ، بل الصحيح (الزُّجَيْج) كما في رواية البخاري .

3-: وفي حديث ثالث أيضاً رواه ابن قانع في معجم الصحابة (حديث:‏1264‏) قال :  عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد قال : سمعت العداء بن خالد يقول :  كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي ، يعني (الزجيج)  ، قال القاضي : و(الزجيج) ماء . ا.هـ

4-: الدليل الرابع وهو حجة فاصلة ، فقد ذُكِر الاسم واشتقاق الاسم ، بما لايدع مجالا للشك ،  قال صاحب كتاب المناسك وأماكن طرق الحج ، تحقيق حمد الجاسر (599) : «و(الزُّجَيْج) جبل رأسه محدّدٌ ، كأن رأسه زُجّ ، وفيه يقول بعض الشعراء :

وقرّبنا الأعنة سلهبات
فأوردنا زجيجا أو سواجا
فأوقعنا بجعفر واستبحنا
وأسقيناهم الماء الأجاجا» .
انتهى 

قلت : (الزُّجَيْج) هو تصغير (الزُجّ) وهو المعروف في أسفل الرُّمح ، قال زهير بن أبي سلمى :

وَمَن يَعْصِ أطرَافَ (الزِّجاجِ) فَإِنَّهُ
يُطيعُ  العَوَالي  رُكّبَتْ  كلَّ  لَهْذَمِ

وسواج المذكور في هذه الأبيات ليس هو سواج طخفة الذي هو من أخيلة حمى ضرية ، بل هو سواج المردمة وهو سواج اللعباء .

قال ياقوت في معجم البلدان (3/133) : «الزج بضم أوله وتشديد ثانيه بلفظ زج الرمح موضع ذكره المرقش في قوله :

أَبْلِغا المُنْذِرَ المُنقِب عَنِّي
غيرَ مُستَعْتِبٍ ولا مُستَعِينِ

لاتَ هَنَّا ولَيْتَنِي طَرَفَ (الزُّجْـ
ـجِ) وأَهْلِي بالشَّأْمِ ذاتِ القُرونِ 

1-وقال نصر (زج لاوة) موضع نجدي وفي المغازي بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم الأصيد بن سلمة بن قرط مع الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب بن أبي بكر بن كلاب إلى القرطاء -وهم قرط وقريط وقريط بنو عبد بن أبي بكر بن كلاب ولهم يقول معاوية بن مالك بن جعفر : 

تفاخرني بكثرتها قريط
وقبلك طالت الحجل الصقور-

 يدعوهم إلى الإسلام فدعوهم فأبوا فقاتلوهم فهزموهم فلحق الأصيد أباه سلمة على فرس له إلى غدير (بزج) بناحية ضرية وذكر القصة .

 2-و الزج أيضا ماء يذكر مع لواثة (قلتُ :لاوة) أقطعه رسول الله صلى الله عليه و سلم العداء بن خالد من بني ربيعة بن عامر .

3- زجيج منقول عن لفظ تصغير الزج للرمح منزل للحاج بين البصرة ومكة قرب سواج عن نصر وقرأته في قول عدي بن الرقاع :

أطربت أم رفعت لعينك غدوة 
بين المكيمن والزجيح حمول 
بالحاء المهملة» 
انتهى كلام ياقوت

قلت : هذه الثلاثة مواقع هي موقع واحد ، فهو مجاور لبلاد القرطاء ، فـ(العداء بن خالد) هو الذي أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم مياها بين (الزُجّ) (زج لاوة) وبين (المُضباعة) ، عند هذا الجُبيل (الزُجّ) ويصغّر هذا الجبل فيقال (الزُّجَيْج) . 

1- : قال ابن سعد (275) :  العداء بن خالد بن هوذة بن خالد بن ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة , وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وأقطعه مياها كانت لبني عمرو بن عامر .

2- : وعند ابن سعد في الطبقات الكبرى (588) :  : وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم للعداء بن خالد بن هوذة ومن تبعه من عامر بن عكرمة أنه أعطاهم ما بين المصباعة إلى الزج ولوابة يعني لوابة الخرار وكتب خالد بن سعيد . قلتُ : صوابه : (من عمرو بن عامر أنه أعطاهم ما بين المضباعة إلى (زج) لاوة يعني لاوة الخرار؟) .

3- : أخرج الطبراني في الكبير (14464) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (حديث 5126) ، عن جَهْضَم بن الضَّحَّاك ، عن  العدَّاء بن خالد بن هَوذَةَ ، قال : أَخرج إلينا كِتَابًا ، فَقَالَ:  كَتَبَهُ لِي رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم قَطِيعَةً مِنهُ بِهذا الماء الذي أَنا فِيهِ .

4- : أخرج ابن قانع في معجم الصحابة (حديث:‏1264‏) قال :  عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد قال : سمعت العداء بن خالد يقول :  كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي ، يعني (الزجيج)  ، قال القاضي : و(الزجيج) ماء . ا.هـ


 وهو على جادة الحاج البصري ، بين فلجة (الخضارة) وبين الدفينة ، وهو في بلاد بني فارس الضحياء من بني عامر بن صعصعة .

1- : ومكانه في عالية نجد كما مرّ معنا في الحديث الأول ، وقد ورد حديث آخر يبيّن أنه عند (الذنائب) المعروفة اليوم باسمها ، فقد روى الحاكم في مستدرك  (حديث:‏8645‏) ، والطبراني في المعجم الكبير (حديث:‏14857‏) :  قال : حججنا فمررنا بطريق المنكدر ، وكان الناس إذ ذاك يأخذون فيه فضللنا الطريق ، قال : فبينا نحن كذلك إذ نحن بأعرابي كأنما نبع علينا من الأرض ، فقال : يا شيخ تدري أين أنت ؟ قلت : لا ، قال : أنت (بالذنائب) ، وهذا التل الأبيض الذي تراه عظام بكر بن وائل وتغلب ، وهذا قبر كليب وأخيه مهلهل ، قال : فدلنا على الطريق ، ثم قال : ها هنا رجل له من النبي صلى الله عليه وسلم صحبة هل لكم فيه ؟ قال : فقلت : نعم ، قال : فذهب بنا إلى شيخ معصوب الحاجبين بعصابة في قبة أدم ، فقلنا له : من أنت ؟ قال : أنا (العداء بن خالد بن عمرو بن عامر) فارس الضحياء في الجاهلية ، قال : فقلنا له : حدثنا رحمك الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث ...الحديث .، والحديث متكلم في سنده .


2- : قال الزبيدي في التاج (34/505) :  «والدُّثَيْنَةُ ، كجُهَيْنَةَ أو كسَفِينَةَ : ع  لبَنِي سُلَيم على طَريقِ حاجِّ البَصْرَة بَيْنَ (الزجيج) و(قبا) ؛ قالَهُ نَصْر ، وهي الدُّفَنية أَيْضاً» . ا.هـ 

قلتُ : (قبا) أسفل حرّة كشب لا زال معروفاً باسمه اليوم .


3- : قال ياقوت في معجم البلدان (3/73): «رَند بفتح أوله وسكون ثانيه اسم نبت طيب الريح وذو رند موضع بين فلجة والزجيج على جادة حاج البصرة عن نصر» .

ويرى بعض الباحثين أن (الزُّجَيْج) هو ما يسمّى اليوم (حصاة الرديهة) ، وهذا موقعها :



وهذه صورة لحصاة الرديهة ، من تصوير أخي الفاضل محمد الشاوي :







أمّا قول عدي بن الرقاع ، الذي ذكره ياقوت :

أطربتَ أمْ رفعتْ لعينك غدوة ً
بينَ المُكَيْمِنِ و(الزَّجِيْح) حُمُولُ

فقد نصّ ياقوت كما مرّ معنا في كلامه السابق أنه بالحاء المهملة (الزَّجِيْح) ، ولكن الذي في ديوان عدي بن الرقاع (ص204) ورد بالجيم المعجمة ، وعدي بن الرقاع العاملي منازل قبيلته (عاملة) في أقصى الشام ، فالذي يظهر أنه ليس هو (الزُّجَيْج) الذي في عالية نجد ، وفي هذه القصيدة التي منها هذا البيت قد ربط (الزَّجِيْج) و (المُكَيْمِنِ) بـ(عرعر) في قصيدة طويلة يمدح بها الوليد بن عبد الملك ، وهناك حول (عرعر) ، (المكيمن) و(فيضة المكيمن) و (ومكيمن خويمة) ، واسم (مكمن) وتصغيره (مكيمن) مواضع كثيرة في بلاد العرب ، وأكثرها في شمال جزيرة العرب ، فالله أعلم بالصواب .

ومن هذه النصوص والنقول يتضح لنا أن الاسم هو (الزُّجَيْج) ، بزاي وجيمين ، وأنه هو (زُجّ لاوة) ، وأنه في بلاد بني عامر بن صعصعة ،  وأنه على درب الحاج البصري في عالية نجد ، وأنه بين (الدفينة) المعروفة إلى اليوم باسمها الجاهلي و (الخضارة) المعروفة قديما باسم (فلجة) .


                                                        *******************



وأمّا اسم (رُّخَيْخ) فقد وقع فيه تصحيف أكثر مما وقع في اسم (الزُّجَيْج) وهو في بلاد غطفان ، من منازل (مُرّة) المجاورة لـ(فزارة) ، وقد ارتبط اسم (رُّخَيْخ) مع اسم (رَخّة) كثيراً لتجاور الموقعين ، وأحياناً تُجمع وتصغّر فيقال (رُخيّات) ، وجميع هذه الأسماء وقع فيها تصحيف ، فمرة يعجمون الراء ، ومرة يهملون الخاء ، بل إن بعض أهل العلم يذكر ذلك كله ، فيترجم لـ(رُّخَيْخ) و  لـ(زخيخ) و لـ(زجيج) .

  والكلام هنا عن اسم موقع (رُّخَيْخ) يختلف عن الكلام عن اسم موقع (الزُّجَيْج) اختلافاً كبيرا ، فـ(رُّخَيْخ) معروف باسمه ومكانه ، ولا زال اسمه باقياً على ألسنة الناس والشعراء من الجاهليّة إلى اليوم ، فالتصحيف هنا بيّنٌ مكشوف .

وسوف استعرض هذه الأقوال وأبيّن ما وقع فيها من خطأ أو تصحيف ، ولا تثريب في ذلك فالأسماء وخصوصاً  أسماء المواقع مظنّة التحريف والتصحيف .

قال ياقوت (3/39) : «الرخيخ بالتصغير كأنه تصغير وهو نبات هش عن ابن حماد موضع قرب المكيمن وحبران والروحاء وقيل بدال وحاء وجيم عن نصر» .

ثم قال ياقوت أيضاً (3/134) : « زخيخ تصغير زخ وزخ يزخ إذا دفع في قفا رجل وهو موضع كانت به وقعة لتميم وهو على مرحلتين من فلج على جادة الحاج قال زيد الخيل :

غدت من زخيخ ثمّ راحت عشيّة
 بحبران إرقال العتيق المجفّر » . ا.هـ

قلتُ : الصحيح (رُّخَيْخ) بالراء المهملة والخاء المعجمة ، وجبل (حِبران) هذا لا زال معروفا باسمه في الجزء الشرقي الشمالي من حّرة ليلى سابقاً ، وحرة (اثنان) أو (ضرغد) ، وهو يبعد عن (رُّخَيْخ) 80 كيلا تقريبا ، فزيد الخيل (الخير) رضي الله عنه ، يمدح ذلوله وراحلته التي غدت من (رُّخَيْخ) صباحاً ، ورواحها عشياً بـ(حِبران) .

و(رُّخَيْخ) كما قال ياقوت في كلامه السابق يبعد عن جادة الحاج (الكوفي) مرحلتين ، وهذا صحيح ، فمن جبل (رُّخَيْخ) إلى الجادة بين (الحاجر) و (النقرة) 
75 كيلا تقريبا ، وقوله كانت به وقعة لتميم ، الصحيح أن الذي وقعت فيه موقعة تميم مكانٌ  آخر كما سيأتي .

ثم قال ياقوت (3/134) : «زَخّةُ : بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، وقال الأصمعي : الزّخّة الغيظ، وأنشد :

فلا تَقْعُدَنَّ على زَخةٍ 
وتُضْمِرَ في القلب وَجْداً وخِيفا

وزخّة الرجل: زوجته .

 وزخّة: اسم موضع في بلاد طيّء منقول من أحدهما ، ويوم زخّة: من أيّام العرب، قال بهنكة الفزاري يخاطب عامر بن الطفيل:

أحسبت أن طعان مرّة بالقنا ... حلب الغزيرة من بنات الغيهب
عصبا دفعن من الأبارق من قنا ... فجنوب زخّة فالرّقاق فينقب
يقطعن أودية الذّباب بساطع ... مسط كأنّ به دواخر تنضب» انتهى كلامه


قلتُ : الصحيح (رَخّة) ، قوله : «اسم موضع في بلاد طيّء» ، الصحيح في بلاد غطفان ، ولعله توهم ذلك بسبب يوم (رُّخَيْخ) ويسمّى يوم (رَخّة) ، وهو يوم لقيس على طيء كما سيأتي .

قوله : «بهنكة الفزاري» الصحيح :  نهيكة الفزاري ، وقصيدته هذه معروفة ، التي خاطب فيها عامر بن الطفيل ، والتي منها :

يا عام لو قدرت عليك رماحنا
والراقصات إلى منى فالغَبْغَبِ

لتقيت بالوجعاء طعنة فاتكٍ
مران أو لثويت غير محسب.

وقوله : 
«عصبا دفعن من الأبارق من قنا 
 فجنوب زخّة فالرّقاق فينقب» .

قلت :  الصحيح : 
عصبا دفعن من الأبارق من (قنا)
 فجنوب (رخّة) فالرّقاق (فيثقب)

ولا زال جبل (قنا) معروفاً باسمه وهو شرق عن (رخّة) بـ 25 كيلا ، ولا زال (يثقب) معروفاً باسمه وينطقه العامة (إثقب) وهو غرب عن (رخّة) بـ 40 كيلا تقريبا ، فـ (رخّة) بينهما ، قوله : «دواخر تنضب» ، الصحيح : دواخن تنضب ، فدخان التنضب يوصف عليه غبار الجيش لبياضه وسطوعه ووضوحه .

قال البكري (2/647) : « رُخَيخ بضم أوله وفتح ثانيه على لفظ تصغير رخ موضع قد تقدم ذكره في رسم الأحورين وفي رسم خزاز قال عامر بن الطفيل :

ويَوْمَ رُخَيْخٍ صَبَّحَتْ جَمْعَ طَيئٍ 
عَنَاجيجُ يَحْمِلْنَ الوَشِيجَ المُقَوَّمَا» انتهى كلامه .

قلت : هكذا قال البكري ، نسب البيت لعامر بن الطفيل ، وهذا البيت وإن كان أشبه بشعر الطفيل ، وفي ديوان عامر بن الطفيل قصيدتان على نفس البحر والقافية والروى والغرض من الفخر وذكر الأيام .

الأولى في الديوان (116) :

وَفَدْنَا فَآوَيْنَا بأشْرافِ دارِمٍ
غداة َ جَزَيْنا الجَوْن بالجَوْن صَيْلَمَا

الثانية في الديوان (128) :

ألَسْنَا نَقُودُ الخَيْلَ قُبّاً عَوَابِساً
وَنخضِبُ يَوْمَ الرّوْعِ أسْيافَنا دَمَا

إلا أن هذا البيت في قصيدة طويلة في المفضليات ، لعامر المحاربي 

قال في المفضليات (58)

قال الخصفي من محارب
واسمه عامر المحاربي

منْ مُبْلِغٍ سَعْدَ بنَ نُعْمَانَ مَألُكاً
وسَعْدَ بنَ ذُبْيانَ الذِي قد تَخَتَّما

إلى أن قال :

دَعَوْنا بَنِي ذُهْل إِليهِ وقَوْمَنا
بَنِي عامِر إِذْ لا تَرَى الشَّمْسُ مَنْجَمَا
إلى أن قال :

ويَوْمَ رُخيْخٍ صَبَّحَتْ جَمْعَ طَيئٍ 
عَنَاجيجُ يَحْمِلْنَ الوَشِيجَ المُقَوَّمَا

وتزيّد وبالغ في الافتخار بما لا تبلغ الخضر من محارب بعض بعضه ، إلا إذا كان يتكلم بلسان قومه وبلسان فزارة وثعلبة ، فإنه كان يردُّ على قصيدة الحصين بن حمام المُرّي العصماء ، والتي هجاهم فيها جميعا ، ومطلعها :


جزى اللهُ أفناءَ العشيرةِ كلّها
بـ(دارةِ موضوعٍ) عقوقاً ومأثما
بني عمِّنا الأدنينَ منهمْ ورهطُنا
فزارةَ إذْ رامتْ بنا الحربُ معظَما

وهي مفضليّة (64)

فالبيت  لعامر المحاربي وليس هو الفارس ذو الرمحين عامر بن وهب بن مجاشع بن عامر بن زيد بن بكر بن عميرة بن علي بن (جسر) بن محارب ،  سيد قومه ، فالأخير  من (جسر) حلفاء بني عامر بن صعصعة وسليم ، وهو من (الخضر) حلفاء غطفان .

وعلى كل فهو كما قال أبو العباس القلقشندي في  نهاية الأرب (147) : «يوم الزخيخ - كان لقيس على أهل اليمن، وقيل: يوم الرخيخ».

قلت : الصحيح : (الرُّخَيْخ) ، وهو قريبٌ من بلاد طيء وطيء قحطانية يمانية .


ثم قال البكري (2/647) : «رُخَيّات بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الياء أخت الواو موضع بين قنا ويثقب وقد تقدم ذكره في حرف الهمزة في رسم أخرب .
قال أبو الحسن الأخفش إنما هو موضع يقال له (رَخّة) بفتح أوله وتشديد ثانيه ، قال نهيكة الغطفاني :

عضب دفعن من (الأبارق) من (قنا)
 بجنوب (رخة) فـ(الرقاق) فـ(يثقب)

 قال الأخفش فصغّره جبيهاء الأشجعي ثم نسب إليه ما حوله وجمع فقال :

 جنوب (رخيّات) فجزع تناضب
 مزاحف جرار من الغيث باكر 

قال : وكذلك فعل امرؤ القيس في قوله المتقدم إنشاده وبين رخيات إلى جنب أخرب قلت (البكري) : وهذا الذي ذكره الأخفش وهمٌ لأن تصغير رخة رخيخة وإنما يستقيم ما قال لو كان الواحد رخوة أو رخية ، وقد رأيته بخط أحمد بن برد في شعر امرىء القيس وبين رحيات بالحاء المهملة وذكر أنه نقله من كتاب بندار 
 وانظر أمثلة رخيات في رسم قطبيات» انتهى كلام البكري

قلت : اعتراض البكري على كلام أبي الحسن الأخفش مردود ، فكلام الأخفش أقرب للواقع ولشعر هؤلاء الشعراء الغطفانيين ، وهذا الأسلوب من التصغير والجمع له نظائر كثيرة جدا ، أمّا قول امْرئ القَيْسِ فهو  : 

 خَرَجْنا نريغُ الوَحْشَ بينَ (ثعالَةَ) 
 وبينَ (رُخَيَّات) إلى فج أَخْرُبِ 

وفي روايات الديوان (رُحَيَّات) بالمهملة 



وهذا موقع (رُّخَيْخ) :

وهذه صورة (رُّخَيْخ) ، الصور من النت :




وهذه صورة من الأخ بلداني




وهذه صورة (رَخّة) ، لصور من النت :




ومن هذه النصوص والنقول يتضح لنا أن (رُّخَيْخ) و (رَخّة) معروفان باسميهما ومكانيهما في الجاهلية والإسلام إلى هذا اليوم .





                                                      *************************


قال أبو عبيدة في النقائض (2/615) وهو يشرح قول جرير مفتخرا بقومه :

هم ملكوا الملوك بذات كهف
و هم منعوا من اليمن الكلابا

: «فهو يوم طخفة ، ويوم (الرُّخَيْخ) ويوم ذات كهف ويوم خزاز ، قال وذلك لأنهن متقاربات» ا.هـ

فتبعه البكري في معجمه (2/497) فقال :  «وطخفة و(رخيخ) وخزاز متقاربة يضع الشاعر منها في الشعر ما استقام به».

وتبعهم على هذا وضبطه بالإعجام الميداني في مجمع الأمثال (2/443) فقال : «يَوْمُ الزَّخيخِ  بالزاي والخاءين المعجمتين لتميم على اليمن» . 


قلت : معنى بيت جرير أنه يفتخر بيوم طخفة ، وهو يوم من أيام يربوع ، بل هو غُرّة أيامها ومفخرتها ، كان لهم على قابوس بن المنذر بن ماء السماء ، بسبب (الردافة) وليس معهم أحد من تميم إلا البراجم .

قال ابن قتيبة في المعارف (148) : «بعث المنذر بن ماء السماء جيشاً إلى بني يربوع عليه قابوس وحسان ابناه، ويقال: إن حساناً أخوه لانتزاع الردافة منهم فحاربتهم بنو يربوع وكان ملتقاهم (بطخفة) فهزمت بنو يربوع جيش المنذر وأسروا ابنيه، فبعث المنذر إليهم بألفي بعير فداء ابنيه وأقر الردافة فيهم. قال جرير:
ويوم أبي قابوس لم نعطه المنى 
ولكن صدعنا البيض حتى تهزما» .

قال البلاذري في أنساب الأشراف (4/120) : «وكانت الردافة لبني يربوع بن حنظلة، ثم لبني رياح، فطلبها حاجب بن زرارة للحارث بن بيبة، وقال للمنذر بن ماء السماء: هو شيخ بني حنظلة، فأراد المنذر أن يجعل الردافة له ولقومه، فاجتمع بنو يربوع بطرف طخفة عاصين للمنذر، فسرح إليهم جيشاً فالتقوا بطخفة فاقتتلوا، فهزم أصحاب المنذر، وكانت البراجم مع بني يربوع ليس معهم من تميم غيرهم، وأسر طارق بن حصبة بن أزنم قابوس بن المنذر، فبعثوا به إلى المنذر، فأتاهم ثواب من نعم ورقيق، واسراء من بني تميم، وأسر حسان بن المنذر أخوه فأدركه عمرو بن جوين بن أهيب بن حميري فأطلقه للمنذر، وقتلت بنو يربوع أبا مندوسة المجاشعي، وكان في جيش المنذر، وفي ذلك يقول سحيم بن وثيل:

أبي أنزل الجبار عامل رمحه
عن السرج حتى خر بين السنابك
بطخفة إذ مال السروج وذببوا 
عراة على جرد طوال الحوارك

وقال أبو عبيدة: صاحب حسان ، بشر بن عمرو وعم سحيم فصيره إياه، وقال عمرو بن حوط بن سلمى بن هرمي:

قسطنا يوم طخفة غير شك
على قابوس أذكره الصياح
لعمرو أبيك والأنباء تنمى
لنعم الحي في الجلى رياح
أبو دين الملوك فهم لقاح
إذا هيجوا إلى حرب أشاحوا

وقال سحيم:

وعماي ذادا يوم طخفة عنكم
أوائل دهم كالسراديخ معلم

وقال جرير:

وحسان أعضضنا الحديد ابن منذر
وقابوس إذ لا يدفع الغل مدفعا» .


وقال أبو البقاء هبة الله محمد بن نما الحلي (المتوفى: ق 6هـ) في المناقب المزيدية (1/122) : «الردافة إن يجلس رجل إلى جنب الملك و يشرب معه و يسير خلفه و يكون له كصاحب الجيش في عصرنا هذا أو نحو هذه المنزلة، فلما جعلوا الردافة لبني يربوع صارت لهم ضربة لازم عليهم لا يقدرون على عزلهم عنها و لا نقلها عنهم  إلى غيرهم فكان الملك مع بني يربوع في الردافة كالمحجور عليه ، روى أبو عبيدة معمر بن المثنى إن المنذر بن ماء السماء لما ملك وجه حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم و قدمه فسأله حاجب تحويل الردافة عن بني يربوع إلى بني دارم فقال هي لك يا أبا عركشة ، قال: لا و لكن أجعلها للحارث بن عدس بن الحارث و كان شهاب الفارس حاضرا باب المنذر فلما سمع بذلك قال للمنذر: إن بني يربوع لا يسلمون إليك الردافة و لا يخرجونها عن أيديهم فما تصنع بمحاربتهم؟ فقال له حاجب كذبت بنو يربوع مسلموها غير منازعي الملك فيها. فقال شهاب: إن حاجبا يغرك و قال حاجب: بيني و بينك مائة بعير يأخذها أنصحنا للملك. قال: قد فعلت. فتراهنا على ذلك و جهز المنذر أبنيه قابوس و حسان في جيش إلى بني يربوع فاقتتلوا بطخفة و هي إلى جنب ذات كهف فهُزم جيش المنذر و أسر أبناه و جاءه الخبر فقال شهاب:
أنا نفير نفسيه ... نفرت حاجبا مائة
و قال حاجب: أصلح الله الملك مره إن فليخفف عني منها قال: بل يجعلها جيادا زربا. و أرسل المنذر فافتدى أبنيه من بني يربوع بالفي بعير ففي ذلك يقول جرير مفتخرا بقومه:
هم ملكوا الملوك بذات كهف
و هم منعوا من اليمن الكلابا» .

 قال جرير:

وقد جعلت يوماً بِطِخْفَةَ خَيْلُنا
لآلِ أبي قابوسَ يوماً مذكرا

نحنُ الذينَ هزَمْنا جيشَ ذي نجبٍ
 والمنذرينِ اقتسرْنا يومَ قابُوسِ

فقال مالك بن نويرة:

ونحن عَقرنا مُهر قابوسَ بَعدما
رَأْي القومُ منه الموتَ والخيل تُلْحَب

قال جرير:

بِطَخْفَةَ جالَدْنا المُلُوكَ وَخَيْلُنَا
عَشِيَّةَ بِسْطامٍ جَرَيْنَ عَلى نَحْبِ 

وقال :

ونَازَلْنَا المُلُوكَ بِذاتِ كَهْفٍ،
و قد خضبتْ منَ العلقِ العوالي

 شريح اليربوعي : 

 عَلاَ جَدَّهم جدَّ المُلُوكِ فأطْلَقُوا
بِطِخْفَةَ أبْنَاءَ المُلُوكِ عَلَى الحُكْمِ 

قلتُ :  ولم أجد أحداً قبل أبي عبيدة من قال إن يوم طخفة يسمّى يوم (الرخيخ) أو يوم (خزاز) ، بل جميع من وقفت على شعره من شعراء بني يربوع وشعراء تميم ، إنّما ذكروا اسم (طخفة) واسم (ذات كهف) لهذا اليوم وهذه المعركة .

 (ذات كهف) : قال صاحب القاموس : ذاتُ كُهْفٍ بالضم ، وقال أبو عبيدة في النقائض (2/615) : «بذات كهف ، قال وهو أنك إذا قطعت طخفة ، بينها وبين ضرية ، والطريق بينها وبين قنّة الحمر»

وهذا تحديد من أبي عبيدة لموقع (ذات كهف) ، والمسافة بين (طخفة) و(ضرية)  25 كيلا تقريباً ، و(ضرية) عن (طخفة) غربٌ إلى الجنوب ، وجبل (خزاز) في الجهة المقابلة أي شرقٌ إلى الشمال ، يبعد 70 كيلا تقريبا ، فالمعركة من (طخفة) اتجهت غربا ، وهذا يبعد الاحتمال الذي ذكره حمد الجاسر في المعجم لشمال المملكة (2/575) : «اللهم إلا إذا قيل بحصول كرّ وفرّ في هذه النواحي المتباعدة ، كما حدث في وقعة حنين» .

ثم قال حمد الجاسر : «إلا أن ياقوتا ذكر موضعاً سماه رخّاء بتشديد الخاء والمد : موضع بين أضاخ والسرين (التسرير) تسوخ فيه أيدي البهائم وهما رخاوان، انتهى ، وهذا الذي ينبغي أن يكون يوم خزاز يسمّى به ، فقوله : وهما رخاوان ، لعلّه يقصد رخّا ورخيخ ، ومثل هذا يكثر في كلامهم مثل قنا وقني» انتهى كلامه

قلتُ : هذا الترجّي والتوقع لا يعضده شيء وهو بعيد ، فليس في النصوص (رخيخ) لا من بعيد ولا من قريب ، أيضاً الحكم بالتصحيف على كلمة (والسرين) ، ليس أكيداً  بل هو ظن ، فـ(السرّ) شرق أضاخ ، فلعله يثنّى لسبب ما ، فقول ياقوت  في المعجم (3/37) : «رخّاء بتشديد الخاء والمد موضع بين أضاخ والسرين تسوخ فيه أيدي البهائم وهما رخاوان » سبقه نصر فقال (1/510) : «أمّا بخاء معجمة مشددة ممدودا : مَوْضِعٌ بين أُضاخ والسرين تسوخ فيه أيدي البهايم وهما رخاوان» ، وسبقه الحازمي (361) فقال : بَابُ، رَجَا، وَرَحا، وَرَخَّا ، وأما الثَّالِثُ: - بالْخَاءِ المُعْجَمَة المُشَدَّدَة - : «مَوْضِعٌ بين أُضاخ والسرين تسوخ فيه أيدي البهايم وهما رخاوان».

فإذا كان رحمه الله يقصد الأماكن التي يستريض فيها الماء وتسوخ فيه أيدي البهايم ، فهذه الأماكن كلها شرق وادي (التسرير) (الرّشا) ، وهذا لا يتوافق مع الكلام السابق ، فعلى فهم الشيخ حمد للكلام السابق تكون هذه الأماكن غرب وادي (التسرير) (الرّشا) ، فإنه يقول : بين أضاخ (التسرير) .