(العرج)
قال صالح : «العرج قال عنه ياقوت الحموي واد من نواحي الطائف وأخر بين تهامة والمدينة وهي في بلاد هذيل» ثم قال : «وبالعرج الذي بنواحي الطائف يوم من ايام العرب الشهيرة بين هذيل وهوازن»
قلت : حقيقة لا أستطيع أن أقول إن الأخ صالح أخطأ هنا , أو أن أقول إنه يجهل الحقيقة , بل تكّلم بما يخالف الحقيقة ويخالف ما يعرفه هو كما سيأتي , فلا أدري ما أسمّي ذلك ؟ ولكن أقول لعله نسي أوغفل , أمّا الذي لا أعذره فيه , هو تدليسه وتلبيسه في النقل كعادته في كل المواضع السابقة , فعند نقله لكلام ياقوت اقتطع الكلام الذي يريده وحذف بقيّة كلام ياقوت , والذي يقول فيه إن (العرج) في بلاد بني نصر بن معاوية , وهذا التصرّف لا يليق بالمسلم فضلا عن الذي يدّعي العلم والبحث .
قلت : هذه المواضع التي ذكرها الأخ صالح هنا ليست جديدة أو خفية بل قديمة معروفة , وهي من منازل بني نصر بن معاوية من هوازن , ولكن لا حيلة في الهوى فهو يعمي ويُصم , وهو هنا يتكئ على متشابهات الأسماء كعادته و على وهم لياقوت .
وسأنقل كلام ياقوت كاملاً , وستجد فيه الكفاية , وفيه :
أولا : ذكر ياقوت بل وقبله الأصمعي أن (العرج) يطلق على عدة مواضع .
ثانياً : إن ياقوت قد فصل بين (العرج) الذي في الطائف وبين (العرج) الذي في تهامة وبين (العرج) في بلاد هذيل .
ثالثاً : إن (العرج) الذي في الطائف من بلاد بني نصر بن معاوية من هوازن .
قال ياقوت الحموي (المتوفى: 626هـ) في «معجم البلدان» (4/99) : «العَرْجُ : بفتح أوله، وسكون ثانيه، وجيم، قال أبو زيد: العرج الكبير من الإبل، وقال أبو حاتم: إذا جاوزت الإبل المائتين وقاربت الألف فهي عرج وعروج وأعراج، وقال ابن السكيت: العرج من الإبل نحو من الثمانين ، وقال ابن الكلبي: لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكة رأى دوابّ تعرج فسماها العرج، وقيل لكثيّر: لم سميت العرج عرجا؟ قال: يعرج به عن الطريق:
1- وهي قرية جامعة في واد من نواحي الطائف إليها ينسب العرجيّ الشاعر وهو عبد الله بن عمر بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان
2- وهي أول تهامة، وبينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلا
3- وهي في بلاد هذيل، ولذلك يقول أبو ذؤيب :
هم رجعوا بالعرج والقوم شهّد ... هوازن تحدوها حماة بطارق
وقال إسحاق: حدثني سليمان بن عثمان بن يسار رجل من أهل مكة وكان مهيبا أديبا قال: كان للعرجيّ حائط يقال له (العرج) في وسط (بلاد بني نصر بن معاوية) وكانت إبلهم وغنمهم تدخله وكان يعقر كلّ ما دخل منها فكان يضرّ بأهلها وتضرّ به ويشكوهم ويشكونه، وذكر قصته في كتاب الأغاني، وقال الأصمعي في كتاب جزيرة العرب :
1-وذكر نواحي الطائف: واد يقال له النّخب وهو من الطائف على ساعة وواد يقال له العرج، قال:
2-وهو غير العرج الذي بين مكة والمدينة.
3-والعرج أيضا: عقبة بين مكة والمدينة على جادّة الحاج، تذكر مع السّقيا، عن الحازمي، وجبلها متصل بجبل لبنان.
4-والعرج أيضا: بلد باليمن بين المحالب والمهجم، ولا أدري أيها عنى القتّال الكلابي بقوله حيث قال:
وما أنس من الأشياء لا أنس نسوة ... طوالع من حوضى وقد جنح العصر
ولا موقفي بالعرج حتى أجنّها ... عليّ من العرجين أسبرة حمر» انتهى كلام ياقوت .
وهذه القصة التي ذكرها ياقوت عن العرجي وأن حائطه في وسط (بلاد بني نصر بن معاوية) , ساقها أبو الفرج الأصفهاني (المتوفي : 356هـ) بسنده في كتاب الأغاني (1/260) .
وذكر أبو الفرج الأصفهاني أيضاً في كتاب الأغاني (1/273) قصة أخرى تؤكد الأولى , فنقل عن العرجيّ لما حبسه محمد بن هشام المخزومي لخصومة بينهما , ضربه وأقامه على البُلُس , هو والحصين بن غُرير الحميري فقال العرجي :
«معي ابن غُرير واقفا في عباءة ... لعمري لقد قرت عيون بني نصر
فقال فتى من بني نصر يجيبه - وكان حاضرا لضربه وإقامته -:
أجل قد أقر الله فيك عيوننا ... فبئس الفتى والجار في سالف الدهر»
وبهذا النقل الكامل ينكشف لك تلبيس الأخ صالح في نقله وعزوه , وهذا النقل ينهي هذا النقاش , ولكن أريد أن أتكلم على بعض النقاط المهمة , قد وقع في كلام ياقوت السابق وهم في بيت أبي ذؤيب فقد جعل (العرج) موضعاً .
قلت : أولا : الصحيح أن (العرج) في بيت أبي ذؤيب ليس المقصود به الموضع , فالعرج من الإبل: القطيع الضخم نحو الخمسمائة أو أكثر , قال ابن السكيت في إصلاح المنطق : والأعراج : جمع عرج ، وقال الأصمعي : إذا بلغت الإبل خمسمائة إلى الألف قيل : عرج .
قال طرفة بن العبد البكري:
يوم تبدي البيض عن أسوقها ... وتلفّ الخيل أعراج النّعم
وقال الآخر :
فاستدبروهم يكفتون عروجهم ... مر الجهام إذا زفته الأزيب
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي (المتوفي : 209 هـ) في شرح هذا البيت -بيت أبي ذؤيب- كما في «شرح السكري لأشعار هذيل» (1/158) : «هي من الإبل المئة وما زاد , فيريد أنهم ردّوا هوازن , وما كانوا أخذوا من الإبل وهو العرج» . انتهى كلامه .
ثانياً : قصيدة أبي ذؤيب قالها يوم (البوباة) وهو يوم (المليح) قال البكري في معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع (1/284) : «وكان مالك بن عوف النصري (رضي الله عنه) قد أغار على بني معاوية من هذيل واستاق حيا من بني لحيان فأدركتهم هذيل بـ(البوباة) واسنقذوا ما كان في أيديهم , فهو يوم (البوباة) وكان الصريخ قد أدرك الهذليين بـ(المليح) فهو يوم (المليح) ».
وبهذا تعلم أن قول الأخ صالح : «وبالعرج الذي بنواحي الطائف يوم من ايام العرب الشهيرة بين هذيل وهوازن» هو من اختراعه وتأليفه لا أقول اجتهاده , فهو يعلم أنه غير صادق في قوله , إليك كلامه الآخر قبل النقاش بسنوات , قال في «منتديات هذيل» تحت موضوع (الفروسيه و الخيل عند هذيل) بغضّ النظر عن الموضوع وما فيه , إلا إنه قال : «وقال أبو ذؤيب يرثي نبيشة الهذلي ,, ويذكر انتصارهم على هوازن في ( يوم البوباه ) (البهيته الان ) في كتاب ( شرح أشعار الهذليين ) لـلـسكري ج/1ص/157
أنوء به فيها فيأمن جانبي *** ولو كثرت عند اللقاء البوارق
نماه من الحيين قرد ومازن *** ليوث غداة البأس بيض مصادق
هم رجعوا بالعرج والقوم شهد *** هوازن تحدوها حماة بطارق»
انتهى كلام صالح .
ونص السكري كما في «شرح السكري لأشعار هذيل» (1/159) على أن أبا ذؤيب قال قصيدته السابقة يوم (البوباة) , فهذا الذي يتفق مع تفسير أبي عبيدة للبيت , أنهم رجعوا بالإبل والنعم , ويتفق مع قول أبي ذؤيب نفسه يوم (البوباة) وهو يرتجز : ادرك ارباب النعم * وحمي الضرب وجم * بكل ملحوب اشم * مذلق مثل الزلم * ردوا السبي والنعم * ياحبذا ريح بدم .
فلو رجع الأخ صالح لكتاب «شرح السكري لأشعار هذيل» (1/352)
لوجد العرج الذي في ديار هذيل في شعر أبي جندب الهذلي فقد حدد موضعه بين حداء والحشا وكلها بناحية مَرّ الظهران , وذلك عندما استجاش الخُلعاء من بني بكر و خزاعة , فخرجوا معه حتى صبّح بهم بني لحيان على (العرج) , ولولا أهمية الوقت لتكلمت عنها .
واسم (العرج) من الأسماء التي سُمّي بها عدد من الأمكنة , وأشهرها واد (العرج) وجبال (العرج) وثنية (العرج) التي بين مكة والمدينة والتي له ذكر في صحيح البخاري وكتب السنة والسيرة , فهو من ديار أسلم وخزاعة .
قال كُثيّر الخزاعي :
تشوّقني بالعرج منها منازل ... وبالخبت من أعلى منازلها رسم
وقال أيضاً :
جزن وادي المياه محتضرات ... مدرج العرج سالكات الخلال
قال حمد الجاسر رحمه الله في «التعريف بأسماء بعض الأماكن المذكورة في شعر كثيّر» (561) : «العرج : هو واد ينحدر من سلسلة جبال , وفيه ثنية تسلك إلى المدينة , والاسم يطلق على الثلاثة : الجبال وتدعى الآن جبال الرجع , والعقبة تدعى ثنية الرجع , وهي بين ورقان شمالها وقدس (ينطق الآن دقس بإسكان الدال وتقديمها على القاف) إلى أن قال : نقل ابن شبة عن كُثيّر الشاعر إنما سمي العرج لتعرجه ...» انتهى المقصود .
قال صالح : «العرج قال عنه ياقوت الحموي واد من نواحي الطائف وأخر بين تهامة والمدينة وهي في بلاد هذيل» ثم قال : «وبالعرج الذي بنواحي الطائف يوم من ايام العرب الشهيرة بين هذيل وهوازن»
قلت : حقيقة لا أستطيع أن أقول إن الأخ صالح أخطأ هنا , أو أن أقول إنه يجهل الحقيقة , بل تكّلم بما يخالف الحقيقة ويخالف ما يعرفه هو كما سيأتي , فلا أدري ما أسمّي ذلك ؟ ولكن أقول لعله نسي أوغفل , أمّا الذي لا أعذره فيه , هو تدليسه وتلبيسه في النقل كعادته في كل المواضع السابقة , فعند نقله لكلام ياقوت اقتطع الكلام الذي يريده وحذف بقيّة كلام ياقوت , والذي يقول فيه إن (العرج) في بلاد بني نصر بن معاوية , وهذا التصرّف لا يليق بالمسلم فضلا عن الذي يدّعي العلم والبحث .
قلت : هذه المواضع التي ذكرها الأخ صالح هنا ليست جديدة أو خفية بل قديمة معروفة , وهي من منازل بني نصر بن معاوية من هوازن , ولكن لا حيلة في الهوى فهو يعمي ويُصم , وهو هنا يتكئ على متشابهات الأسماء كعادته و على وهم لياقوت .
وسأنقل كلام ياقوت كاملاً , وستجد فيه الكفاية , وفيه :
أولا : ذكر ياقوت بل وقبله الأصمعي أن (العرج) يطلق على عدة مواضع .
ثانياً : إن ياقوت قد فصل بين (العرج) الذي في الطائف وبين (العرج) الذي في تهامة وبين (العرج) في بلاد هذيل .
ثالثاً : إن (العرج) الذي في الطائف من بلاد بني نصر بن معاوية من هوازن .
قال ياقوت الحموي (المتوفى: 626هـ) في «معجم البلدان» (4/99) : «العَرْجُ : بفتح أوله، وسكون ثانيه، وجيم، قال أبو زيد: العرج الكبير من الإبل، وقال أبو حاتم: إذا جاوزت الإبل المائتين وقاربت الألف فهي عرج وعروج وأعراج، وقال ابن السكيت: العرج من الإبل نحو من الثمانين ، وقال ابن الكلبي: لما رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكة رأى دوابّ تعرج فسماها العرج، وقيل لكثيّر: لم سميت العرج عرجا؟ قال: يعرج به عن الطريق:
1- وهي قرية جامعة في واد من نواحي الطائف إليها ينسب العرجيّ الشاعر وهو عبد الله بن عمر بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان
2- وهي أول تهامة، وبينها وبين المدينة ثمانية وسبعون ميلا
3- وهي في بلاد هذيل، ولذلك يقول أبو ذؤيب :
هم رجعوا بالعرج والقوم شهّد ... هوازن تحدوها حماة بطارق
وقال إسحاق: حدثني سليمان بن عثمان بن يسار رجل من أهل مكة وكان مهيبا أديبا قال: كان للعرجيّ حائط يقال له (العرج) في وسط (بلاد بني نصر بن معاوية) وكانت إبلهم وغنمهم تدخله وكان يعقر كلّ ما دخل منها فكان يضرّ بأهلها وتضرّ به ويشكوهم ويشكونه، وذكر قصته في كتاب الأغاني، وقال الأصمعي في كتاب جزيرة العرب :
1-وذكر نواحي الطائف: واد يقال له النّخب وهو من الطائف على ساعة وواد يقال له العرج، قال:
2-وهو غير العرج الذي بين مكة والمدينة.
3-والعرج أيضا: عقبة بين مكة والمدينة على جادّة الحاج، تذكر مع السّقيا، عن الحازمي، وجبلها متصل بجبل لبنان.
4-والعرج أيضا: بلد باليمن بين المحالب والمهجم، ولا أدري أيها عنى القتّال الكلابي بقوله حيث قال:
وما أنس من الأشياء لا أنس نسوة ... طوالع من حوضى وقد جنح العصر
ولا موقفي بالعرج حتى أجنّها ... عليّ من العرجين أسبرة حمر» انتهى كلام ياقوت .
وهذه القصة التي ذكرها ياقوت عن العرجي وأن حائطه في وسط (بلاد بني نصر بن معاوية) , ساقها أبو الفرج الأصفهاني (المتوفي : 356هـ) بسنده في كتاب الأغاني (1/260) .
وذكر أبو الفرج الأصفهاني أيضاً في كتاب الأغاني (1/273) قصة أخرى تؤكد الأولى , فنقل عن العرجيّ لما حبسه محمد بن هشام المخزومي لخصومة بينهما , ضربه وأقامه على البُلُس , هو والحصين بن غُرير الحميري فقال العرجي :
«معي ابن غُرير واقفا في عباءة ... لعمري لقد قرت عيون بني نصر
فقال فتى من بني نصر يجيبه - وكان حاضرا لضربه وإقامته -:
أجل قد أقر الله فيك عيوننا ... فبئس الفتى والجار في سالف الدهر»
وبهذا النقل الكامل ينكشف لك تلبيس الأخ صالح في نقله وعزوه , وهذا النقل ينهي هذا النقاش , ولكن أريد أن أتكلم على بعض النقاط المهمة , قد وقع في كلام ياقوت السابق وهم في بيت أبي ذؤيب فقد جعل (العرج) موضعاً .
قلت : أولا : الصحيح أن (العرج) في بيت أبي ذؤيب ليس المقصود به الموضع , فالعرج من الإبل: القطيع الضخم نحو الخمسمائة أو أكثر , قال ابن السكيت في إصلاح المنطق : والأعراج : جمع عرج ، وقال الأصمعي : إذا بلغت الإبل خمسمائة إلى الألف قيل : عرج .
قال طرفة بن العبد البكري:
يوم تبدي البيض عن أسوقها ... وتلفّ الخيل أعراج النّعم
وقال الآخر :
فاستدبروهم يكفتون عروجهم ... مر الجهام إذا زفته الأزيب
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي (المتوفي : 209 هـ) في شرح هذا البيت -بيت أبي ذؤيب- كما في «شرح السكري لأشعار هذيل» (1/158) : «هي من الإبل المئة وما زاد , فيريد أنهم ردّوا هوازن , وما كانوا أخذوا من الإبل وهو العرج» . انتهى كلامه .
ثانياً : قصيدة أبي ذؤيب قالها يوم (البوباة) وهو يوم (المليح) قال البكري في معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع (1/284) : «وكان مالك بن عوف النصري (رضي الله عنه) قد أغار على بني معاوية من هذيل واستاق حيا من بني لحيان فأدركتهم هذيل بـ(البوباة) واسنقذوا ما كان في أيديهم , فهو يوم (البوباة) وكان الصريخ قد أدرك الهذليين بـ(المليح) فهو يوم (المليح) ».
وبهذا تعلم أن قول الأخ صالح : «وبالعرج الذي بنواحي الطائف يوم من ايام العرب الشهيرة بين هذيل وهوازن» هو من اختراعه وتأليفه لا أقول اجتهاده , فهو يعلم أنه غير صادق في قوله , إليك كلامه الآخر قبل النقاش بسنوات , قال في «منتديات هذيل» تحت موضوع (الفروسيه و الخيل عند هذيل) بغضّ النظر عن الموضوع وما فيه , إلا إنه قال : «وقال أبو ذؤيب يرثي نبيشة الهذلي ,, ويذكر انتصارهم على هوازن في ( يوم البوباه ) (البهيته الان ) في كتاب ( شرح أشعار الهذليين ) لـلـسكري ج/1ص/157
أنوء به فيها فيأمن جانبي *** ولو كثرت عند اللقاء البوارق
نماه من الحيين قرد ومازن *** ليوث غداة البأس بيض مصادق
هم رجعوا بالعرج والقوم شهد *** هوازن تحدوها حماة بطارق»
انتهى كلام صالح .
ونص السكري كما في «شرح السكري لأشعار هذيل» (1/159) على أن أبا ذؤيب قال قصيدته السابقة يوم (البوباة) , فهذا الذي يتفق مع تفسير أبي عبيدة للبيت , أنهم رجعوا بالإبل والنعم , ويتفق مع قول أبي ذؤيب نفسه يوم (البوباة) وهو يرتجز : ادرك ارباب النعم * وحمي الضرب وجم * بكل ملحوب اشم * مذلق مثل الزلم * ردوا السبي والنعم * ياحبذا ريح بدم .
فلو رجع الأخ صالح لكتاب «شرح السكري لأشعار هذيل» (1/352)
لوجد العرج الذي في ديار هذيل في شعر أبي جندب الهذلي فقد حدد موضعه بين حداء والحشا وكلها بناحية مَرّ الظهران , وذلك عندما استجاش الخُلعاء من بني بكر و خزاعة , فخرجوا معه حتى صبّح بهم بني لحيان على (العرج) , ولولا أهمية الوقت لتكلمت عنها .
واسم (العرج) من الأسماء التي سُمّي بها عدد من الأمكنة , وأشهرها واد (العرج) وجبال (العرج) وثنية (العرج) التي بين مكة والمدينة والتي له ذكر في صحيح البخاري وكتب السنة والسيرة , فهو من ديار أسلم وخزاعة .
قال كُثيّر الخزاعي :
تشوّقني بالعرج منها منازل ... وبالخبت من أعلى منازلها رسم
وقال أيضاً :
جزن وادي المياه محتضرات ... مدرج العرج سالكات الخلال
قال حمد الجاسر رحمه الله في «التعريف بأسماء بعض الأماكن المذكورة في شعر كثيّر» (561) : «العرج : هو واد ينحدر من سلسلة جبال , وفيه ثنية تسلك إلى المدينة , والاسم يطلق على الثلاثة : الجبال وتدعى الآن جبال الرجع , والعقبة تدعى ثنية الرجع , وهي بين ورقان شمالها وقدس (ينطق الآن دقس بإسكان الدال وتقديمها على القاف) إلى أن قال : نقل ابن شبة عن كُثيّر الشاعر إنما سمي العرج لتعرجه ...» انتهى المقصود .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق