لمحاني ومجدل
جعل صالح بن دخيل الله (مجدلا) التي في بلاد هذيل في عالية نجد , وقال : (والمحاني بأكناف مجدل أمتداد السيّ) اعتماداً على أغرب حجة يمكن للقاري أن يتصورها أو يتخيلها , فقد وجد الأخ صالح في كتاب أعيان الشيعة للرافضي محسن الأمين (8 /353) حجة قاطعة على دعواه , وهو قول الشاعر : «يا نازلين محاني مجدل ذهبت * بالجسم أدواؤه فابقوا لنا الروحا» ثم قال : «والمحاني قريبة من مجدل موضع بعينة ليس كما يظن البعض أنه أخذ من محنّية الوادي فأليكم الشاهد» (فنقل صورة البيت السابق من المكتبة الشيعية ) ثم قال :«والشاهد لمحسن الأمين من كتاب أعيان الشيعة ولعله يتوجّد لتلك الديار لانه قريب من (المسلح) ميقات شيعة العراق كما يزعمون» .
قلت : لم أرَ مثل هذا الاستخفاف بعقول الناس , البيت من قصيدة في ترجمة علي بن مهدي بن علي الرافضي المتوفى سنة 1373هـ , ومجدل هي قرية (مجدل سلم) من جبل عامل في لبنان , يعني هي بلدة لبنانية تقع في قضاء مرجعيون ، وكان قد أرسل هذه القصيدة من سجن بيروت إلى ولده في قرية (مجدل سلم) .
ثم رأى أن أبيات صخر الغي تعارضه وترد عليه , لكن الأخ صالح إذا وجدّ نصاً يخالف كلامه هوّل في الاحتجاج به وجعله حجة قاطعة له , لا أدري بأي منطق , فقال (ومن الذين حددوا موضع (مجدل) في الشواهد الشعرية صخر الغي الهذلي) قلتُ : صدقت , ولكنه يخالف كلامك ويرده , فقصيدة صخر الغي ذكر فيها مواقع كثيرة كلها في تهامة وليس في نجد منها شيء , وأكتفي بالبيت الذي استشهد به صالح والبيت الذي يليه :
وأقبل مرا إلى مجدل ... سياق المقيد يمشي رسيفا
فلما رأى العمق قدامه ... ولما رأى عمرا والمنيفا
فصخر هنا ربط (مرّاً) وهو وادي معروف اسمه (مرّ الظهران) وهو شمال مكة 25 كيلا تقريباً , وذكر ياقوت الحموي بيت صخر الغي هذا عندما ذكر مرّ الظهران , أمّا قوله (العمق) فقد قال عاتق البلادي رحمه الله : «والعمق هذا على حدود الحرم الغربية ترى منه عَمَرا يمناً رأي العين» , أمّا قوله (عَمَرَا) فقال البلادي أيضا : «عَمَر بالتحريك , هو جبل في ديار هذيل» قلتُ : قال نصر في كتابه (2/305) : «وبفتح العين المهملة والميم والراء المهملة : واد بالحجاز , وأمّا مثله بسكون الميم :
جبل بالسراة يقال له عمرو بن عدوان» , وعلّق الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله على كلام نصر فقال : «وفي أسفل وادي عرنة الواقع غربي مزدلفة , جبل مشرف على الساحل يدعى عُمَرَ , لا أستبعد أن يكون المقصود بقول صخر الغي» , أمّا (المنيف) فقال البلادي أيضا : «المنيف من جبال السوالمة من هذيل , في رأس ضيم» .
فكما ترى أخي فهو يصف السحاب على بلاده بلاد هذيل ويذكر هذه الأعلام المتجاورة والمعروفة , فليس لك في شعر صخر الغي حجة , بل هو حجة قاطعة في الرد عليك .
ثم قال صالح عفى الله عنه : «وذكر(مجدل)ايضاً العباس بن مرداس السلمي والعباس أخواله من لحيان من هذيل ولعلهم جيرة لهم في تلك الديار»
ثم نقل أبيات عباس بن مرداس :
عفا مجدل من أهله فمتالع ..فمطلا أريك قد خلا فالمصانع
ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا..رخي وصرف الدهر جامع .
قلت : أما شعر عباس بن مرداس فهو موقع آخر , فقد قرن بين (متالع) وبين (مجدل) وهما علمان معروفان جهة حائل , ومجدل يقع في الجنوب الشرقي من متالع , متصل بأجأ , وهو يشاهد من قرية (موقق) ويبعد عن مدينة حائل 100 كيلٍ غربا , و(أوريك) ليس بعيدا عنه . قال ذلك حمد الجاسر رحمه الله في حاشيته على كتاب نصر (2/460) , قال البكري : «مجدل موضع قبل متالع» , وقال أيضا : «مجدل بكسر أوله وإسكان ثانيه بعده دال مفتوحة موضع تلقاء متالع».
فليس لك في شعر عباس حجة , فهل (مجدل) هذا الذي بجوار حائل من ديار هذيل ؟
ثم قال : «والعباس أخواله من لحيان من هذيل ولعلهم جيرة لهم في تلك الديار» قلت : العباس بن مرداس السُلمي سيّد سُليم هو الصحابي المعروف والشاعر المشهور , أمه الصحابية (الخنساء) تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السلمي .
قال أبو عبيدة : «وكان العباس وسراقة وحزن وعمرو بنو مرداس كلهم من الخنساء بنت عمرو بن الشريد، وكلهم كان شاعرا، وعباس أشعرهم ، وأشهرهم وأفرسهم وأسودهم ، ومات في الإسلام» .
وقال أبو الفرج الأصبهاني : «وأمه الخنساء الشاعرة بنت عمرو بن الشريد» .
وخالفهم الكلبي ولم يذكر من هي أم العباس .
ثم قال صالح : «ومجدل وردت عليه ايضاً شواهد كثيرة من هذيل وتدل على قربة من تلك الديار وهذا ماقال عنه الحموي ثم نقل بيت سودة بنت عمير بن هذيل :
نغاور في أهل الأراك وتارة .. نغاور أصرما بأكناف مجدل» .
قلت : نقل التصحيف الذي في كتاب ياقوت وهو لا يدري أحسن الله إليه , والتصحيف ( سودة بنت عمير (بن) هذيل) , وهذا خطأ , فالمغازي والحروب للرجال وليست للنساء , والذي عند الحازمي هو (سويد بن عمير من هذيل) , و المثبت في ديوان هذيل أنه من شعر عمرو بن هميل اللحياني , ولعله هو الصحيح .
ثم يقال : أي شواهد ؟ وأي قرب ؟ , هذا كله من التهويل والتكثر بالباطل , ياقوت قال : «اسم موضع في بلاد العرب» .ا.هـ عفى الله عنك .
الشعر قاله عمرو بن هميل اللحياني يوم غزال , وغزال هي ثية عسفان , وتسمّى ثنية غزال وقرن غزال , ومجدل واد هناك , فكيف جعل صالح بن دخيل الله المحاني واد فحل بأكناف واد آخر , الله المستعان .
قال عاتق البلادي في المعجم (1258) : «غزال من دون ال , ويقال لها ثنية عسفان , وعند أهل تلك الديار «الثنية» علم عليها , وإذا ذكروا غيرها أضافوه , هي ثنية عسفان تشرف عليه من الشمال , ليس له منفذ شمالا إلا منها , على بعد 85 كيلا شمال مكة»
وقال حمد الجاسر رحمه الله : وتكرر اسم مجدل في شعر هذيل , مما يدل على أنه في بلادهم أو بقربها .
قلتُ : وبربط هذه الأبيات ومكان الحدث مع أبيات صخر الغي , يتظح أن مجدلاً شمال مكة بين مرّ وعسفان .
ثم قال صالح : «ولاشك إن مجدل من الديار التي تشترك فيها بنو سليم مع هذيل وتصل سليم من تلك الديار إلى أول(المسلح)» .
قلت : انظر إلى هذه الثقة والتأكيد وهو لا يدري أين (مجدل) من أرض الله , ثم انظر إلى هذا الخيال كيف جعل (مجدل) حداً مشتركا بين هذيل وسليم , وسوف يكون الردّ على ما يتعلّق بالمسلح في موضوع مستقل .
أمّا المحاني التي ذكرت في ديار هذيل فقد قال ابن بليهد في كتاب (ما تقارب سماعه وتباينت أمكنته) (147) وهو كتاب يعتني بتشابهات الأسماء , فقد ذكر المحاني التي في عالية نجد وأهلها من عتيبة , ثم قال بعد ذلك : المحاني بمنطقة الكامل في إمارة مكة المكرمة .
قلت : فإن ثبت ذلك فلعلها هي المرادة والله أعلم .
جعل صالح بن دخيل الله (مجدلا) التي في بلاد هذيل في عالية نجد , وقال : (والمحاني بأكناف مجدل أمتداد السيّ) اعتماداً على أغرب حجة يمكن للقاري أن يتصورها أو يتخيلها , فقد وجد الأخ صالح في كتاب أعيان الشيعة للرافضي محسن الأمين (8 /353) حجة قاطعة على دعواه , وهو قول الشاعر : «يا نازلين محاني مجدل ذهبت * بالجسم أدواؤه فابقوا لنا الروحا» ثم قال : «والمحاني قريبة من مجدل موضع بعينة ليس كما يظن البعض أنه أخذ من محنّية الوادي فأليكم الشاهد» (فنقل صورة البيت السابق من المكتبة الشيعية ) ثم قال :«والشاهد لمحسن الأمين من كتاب أعيان الشيعة ولعله يتوجّد لتلك الديار لانه قريب من (المسلح) ميقات شيعة العراق كما يزعمون» .
قلت : لم أرَ مثل هذا الاستخفاف بعقول الناس , البيت من قصيدة في ترجمة علي بن مهدي بن علي الرافضي المتوفى سنة 1373هـ , ومجدل هي قرية (مجدل سلم) من جبل عامل في لبنان , يعني هي بلدة لبنانية تقع في قضاء مرجعيون ، وكان قد أرسل هذه القصيدة من سجن بيروت إلى ولده في قرية (مجدل سلم) .
ثم رأى أن أبيات صخر الغي تعارضه وترد عليه , لكن الأخ صالح إذا وجدّ نصاً يخالف كلامه هوّل في الاحتجاج به وجعله حجة قاطعة له , لا أدري بأي منطق , فقال (ومن الذين حددوا موضع (مجدل) في الشواهد الشعرية صخر الغي الهذلي) قلتُ : صدقت , ولكنه يخالف كلامك ويرده , فقصيدة صخر الغي ذكر فيها مواقع كثيرة كلها في تهامة وليس في نجد منها شيء , وأكتفي بالبيت الذي استشهد به صالح والبيت الذي يليه :
وأقبل مرا إلى مجدل ... سياق المقيد يمشي رسيفا
فلما رأى العمق قدامه ... ولما رأى عمرا والمنيفا
فصخر هنا ربط (مرّاً) وهو وادي معروف اسمه (مرّ الظهران) وهو شمال مكة 25 كيلا تقريباً , وذكر ياقوت الحموي بيت صخر الغي هذا عندما ذكر مرّ الظهران , أمّا قوله (العمق) فقد قال عاتق البلادي رحمه الله : «والعمق هذا على حدود الحرم الغربية ترى منه عَمَرا يمناً رأي العين» , أمّا قوله (عَمَرَا) فقال البلادي أيضا : «عَمَر بالتحريك , هو جبل في ديار هذيل» قلتُ : قال نصر في كتابه (2/305) : «وبفتح العين المهملة والميم والراء المهملة : واد بالحجاز , وأمّا مثله بسكون الميم :
جبل بالسراة يقال له عمرو بن عدوان» , وعلّق الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله على كلام نصر فقال : «وفي أسفل وادي عرنة الواقع غربي مزدلفة , جبل مشرف على الساحل يدعى عُمَرَ , لا أستبعد أن يكون المقصود بقول صخر الغي» , أمّا (المنيف) فقال البلادي أيضا : «المنيف من جبال السوالمة من هذيل , في رأس ضيم» .
فكما ترى أخي فهو يصف السحاب على بلاده بلاد هذيل ويذكر هذه الأعلام المتجاورة والمعروفة , فليس لك في شعر صخر الغي حجة , بل هو حجة قاطعة في الرد عليك .
ثم قال صالح عفى الله عنه : «وذكر(مجدل)ايضاً العباس بن مرداس السلمي والعباس أخواله من لحيان من هذيل ولعلهم جيرة لهم في تلك الديار»
ثم نقل أبيات عباس بن مرداس :
عفا مجدل من أهله فمتالع ..فمطلا أريك قد خلا فالمصانع
ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا..رخي وصرف الدهر جامع .
قلت : أما شعر عباس بن مرداس فهو موقع آخر , فقد قرن بين (متالع) وبين (مجدل) وهما علمان معروفان جهة حائل , ومجدل يقع في الجنوب الشرقي من متالع , متصل بأجأ , وهو يشاهد من قرية (موقق) ويبعد عن مدينة حائل 100 كيلٍ غربا , و(أوريك) ليس بعيدا عنه . قال ذلك حمد الجاسر رحمه الله في حاشيته على كتاب نصر (2/460) , قال البكري : «مجدل موضع قبل متالع» , وقال أيضا : «مجدل بكسر أوله وإسكان ثانيه بعده دال مفتوحة موضع تلقاء متالع».
فليس لك في شعر عباس حجة , فهل (مجدل) هذا الذي بجوار حائل من ديار هذيل ؟
ثم قال : «والعباس أخواله من لحيان من هذيل ولعلهم جيرة لهم في تلك الديار» قلت : العباس بن مرداس السُلمي سيّد سُليم هو الصحابي المعروف والشاعر المشهور , أمه الصحابية (الخنساء) تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السلمي .
قال أبو عبيدة : «وكان العباس وسراقة وحزن وعمرو بنو مرداس كلهم من الخنساء بنت عمرو بن الشريد، وكلهم كان شاعرا، وعباس أشعرهم ، وأشهرهم وأفرسهم وأسودهم ، ومات في الإسلام» .
وقال أبو الفرج الأصبهاني : «وأمه الخنساء الشاعرة بنت عمرو بن الشريد» .
وخالفهم الكلبي ولم يذكر من هي أم العباس .
ثم قال صالح : «ومجدل وردت عليه ايضاً شواهد كثيرة من هذيل وتدل على قربة من تلك الديار وهذا ماقال عنه الحموي ثم نقل بيت سودة بنت عمير بن هذيل :
نغاور في أهل الأراك وتارة .. نغاور أصرما بأكناف مجدل» .
قلت : نقل التصحيف الذي في كتاب ياقوت وهو لا يدري أحسن الله إليه , والتصحيف ( سودة بنت عمير (بن) هذيل) , وهذا خطأ , فالمغازي والحروب للرجال وليست للنساء , والذي عند الحازمي هو (سويد بن عمير من هذيل) , و المثبت في ديوان هذيل أنه من شعر عمرو بن هميل اللحياني , ولعله هو الصحيح .
ثم يقال : أي شواهد ؟ وأي قرب ؟ , هذا كله من التهويل والتكثر بالباطل , ياقوت قال : «اسم موضع في بلاد العرب» .ا.هـ عفى الله عنك .
الشعر قاله عمرو بن هميل اللحياني يوم غزال , وغزال هي ثية عسفان , وتسمّى ثنية غزال وقرن غزال , ومجدل واد هناك , فكيف جعل صالح بن دخيل الله المحاني واد فحل بأكناف واد آخر , الله المستعان .
قال عاتق البلادي في المعجم (1258) : «غزال من دون ال , ويقال لها ثنية عسفان , وعند أهل تلك الديار «الثنية» علم عليها , وإذا ذكروا غيرها أضافوه , هي ثنية عسفان تشرف عليه من الشمال , ليس له منفذ شمالا إلا منها , على بعد 85 كيلا شمال مكة»
وقال حمد الجاسر رحمه الله : وتكرر اسم مجدل في شعر هذيل , مما يدل على أنه في بلادهم أو بقربها .
قلتُ : وبربط هذه الأبيات ومكان الحدث مع أبيات صخر الغي , يتظح أن مجدلاً شمال مكة بين مرّ وعسفان .
ثم قال صالح : «ولاشك إن مجدل من الديار التي تشترك فيها بنو سليم مع هذيل وتصل سليم من تلك الديار إلى أول(المسلح)» .
قلت : انظر إلى هذه الثقة والتأكيد وهو لا يدري أين (مجدل) من أرض الله , ثم انظر إلى هذا الخيال كيف جعل (مجدل) حداً مشتركا بين هذيل وسليم , وسوف يكون الردّ على ما يتعلّق بالمسلح في موضوع مستقل .
أمّا المحاني التي ذكرت في ديار هذيل فقد قال ابن بليهد في كتاب (ما تقارب سماعه وتباينت أمكنته) (147) وهو كتاب يعتني بتشابهات الأسماء , فقد ذكر المحاني التي في عالية نجد وأهلها من عتيبة , ثم قال بعد ذلك : المحاني بمنطقة الكامل في إمارة مكة المكرمة .
قلت : فإن ثبت ذلك فلعلها هي المرادة والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق