قال صالح : «اما عن قولك أني إختلقت منازل وديار لهذيل جهة عالية نجد خطاء مني!! فأليك الأدلة من الشواهد وأقوال العلماء» ثم قال :«أوطاس وادي جهة ركبة قريب من البركة ومن جبل أم خرمان أي ورا عقيق عشيرة يقول الهمداني هومن منازل هذيل»
قلتُ : أولاً : الأخ صالح هنا لا ينازع في جغرافيا المكان , ولكنه ينازع في تاريخه , وهذا أمر بسيط , فلن يستطيع أحد أن يعدّل أو يبدّل في التاريخ , لا من المتقدمين أو المتأخرين , ومع وضوح هذا الأمر لا زال الأخ صالح سائراً على نهجه في الاستدلال الذي اختطه من بداية كلامه , وهو التلبيس والتضيليل على القارئ , فهو يعزو القول إلى شخص ثم يأتي بكلام لغيره من أي مكان كان , سواء من الرافضة كما مرّ معنا وسيمرّ إن شاء الله أو من غيرهم من الدكاترة المعاصرين من غير أهل الاختصاص , ومع هذا لم يسلم هؤلاء من الأخ صالح فقد قوّلهم ما لم يقولوا , والأخ صالح هنا لم ينقل كلام الهمداني بنصّه , وإليك كلام الهمداني في كتابه «صفة الجزيرة العربية» (ص288) وهو :(منازل هذيل: عرنة وعرفة وبطن نعمان ونخلة ورحيل وكبكب والبوباة وأوطاس وغزوان فأخرجهم منه بنو سعدأخرجوها في وقتنا هذا بمعونة عجّ بن شاخ، سلطان مكة) .
أمّا الكلام الذي نقله على أنه كلام الهمداني , ليس هو من كلام الهمداني بل هو لأحد المعاصرين منقول ومصوّر من منتدى (مكشات) وهو تحت عنوان «بركة أوطاس ( البريكه ) من برك زبيده , ملتقى الحاج البصري مع الحاج الكوفي» , فقام بنقل جزأ منه , وحذف باقي الموضوع والذي ذكر فيه صاحبه أن أوطاس من بلاد هوازن . فأين الأمانة في النقل ؟!
بغضّ النظر عن عدم ذكره لكلام الهمداني , وبغضّ النظر عن تلبيسه بالكلام المصوّر , هل صالح يجهل أن أوطاس من بلاد هوازن في الجاهلية والأسلام ؟! , الله أعلم , ولكن كتب السُنة من السيرة وغيرها تطفح بذلك , فهو أمر مستفيض مشتهر إن لم يكن متواتراً عن أهل السيرة والتاريخ , فهل يحتاج صالح أن يبحث عن خطأ و وهم يتحجج به , اعلم أخي الكريم أن الأخطاء والأوهام لا تكون أدلة ولا يصح الاستدلال بها , وهناك المئات بل آلاف الأخطاء لم يأخذ بها أهل العلم بل ردوها وردوا عليها .
قال الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله في تعقيبه على كتاب «أبو ذؤيب الهذلي حياته وشعره» : «ما ذكره الهمداني عن أوطاس وأنه من بلاد هذيل , ليس صحيحاً , والهمداني قد يذكر اسم الموضع في منازل القبيلة إذا وجد أحد شعرائها يذكره في شعره , وهذا لايصح دائماً فقد يذكر الشاعر أسماء مواضع كثيرة خارج بلاد قومه .
والصحيح ما ذكره صاحب «معجم البلدان» وغيره من أنه في بلاد هوازن». انتهى كلامه من مجلة العرب (16/237) .
وقد بيّن رحمه الله أنّ للهمداني رحمه الله أوهاماً أخرى في ذكره منازل القبائل , وهناك بحوث وكتابات تعقبت كتاب الهمداني في أخطائه , في جزيرة العرب أو حتى في اليمن , فقول الهمداني هنا خطأ ووهم سواء منه أو ممن هو دونه , فقد خالف المتقدمين والمتأخرين , بل الهمداني في كلامه السابق جعل موضع (رحيل) الذي بين البصرة والنباج من منازل هذيل , ورده الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله فقال :«الرُّحيل الذي هو بين البصرة والنّباج , يقع أسفل وادي الباطن (فلج قديماً) شرق الحفر , في حدود العراق - انظر كتاب «المنطقة الشرقية» ولا أرى الهمداني مصيباً في ذكره من منازل هذيل , والهمداني قد يذكر اسم الموضع في منازل قبيلة من القبائل , إذا ورد ذكره في شعر أحد شعرائها , وهذا لا يصح دائماً , فكثيراً ما يذكر الشاعر مواضع لا صلة لها ببلاد قومه» .انتهى كلامه وأشار إلى احتمال التلبيس في ذلك .
ثانياً :أوطاس هي من بلاد هوازن ومنازلها في الجاهلية والإسلام , ففي الصحيحين وغيرها من كتب السنة الكثيرة , أحداث سريّة (أوطاس) في أيّ بلد وعلى أيّ قبيلة , ولكن سأضيف أقوال البلدانيين وغيرها .
1- روى الواقدي رحمه الله (المتوفي :207هـ) في المغازي (2/869) : «قال أبو حصين: وقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى نساء بني سعد بن بكر- إما خالة أو عمة- بنحي مملوء سمنا وجراب أقط ، فدخلت عليه وهو في الأبطح، فلما دخلت انتسبت له، فعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام، فأسلمت وصدقت، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبول هديتها، وجعل يسائلها عن حليمة فأخبرته أنها توفيت في الزمان. قال: فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سألها: من بقي منهم؟ فقالت: أخواك وأختاك، وهم والله محتاجون إلى برك وصلتك، ولقد كان لهم موئل فذهب. وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين أهلك؟ فقالت: بذَنَب (أوطاس) , فأمر لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسوة، وأعطاها جملا ظعينة ...ثم ساق بقية الخبر» .
2- روى المفضل الضبي (المتوفى: نحو 168هـ) في «المفضليات»
عن بشر بن أبي خازم وهو شاعر جاهلي , قال في هوازن :
(وكنَّا إِذا قُلْنا هَوازِنُ أَقْبِلي ... إِلى الرُّشْدِ لم يَأْتِ السَّدادَ خَطيبُها)
إلى أن قال :
(قَطَعْناهُمُ فبِاليمَامَةِ فِرْقَةٌ ... وأُخْرَى بأَوْطاسٍ تَهِرُّ كَلِيبُهَا)
فهو يذكر أن هوازن بعد حروبهم معها أصبحت بلادهم على قسمين , قسم لعلياء هوازن وهي التي في أعلى نجد والطائف وهم (بنو جُشم وبنو نصر وبنو سعد وثقيف وبعض بني هلال) , ووقسم لسفلى هوازن الذين في أسفل نجد وهم (قبائل بني عامر بن صعصعة) .
3- قال أبو عبيد البكري (المتوفى: 487هـ) (1/80) عندما تكلم عن تفرق مضر في أول كتابه «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» : قال: «فظعنت قيس من تهامة طالعين إلى بلاد نجد، إلّا قبائل منهم، فانحازت إلى أطراف الغور من تهامة , فنزلت هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس: ما بين غور تهامة إلى ما والى بيشة وبركا وناحية السّراة والطائف (وذا المجاز وحنين) وأوطاس وما صاقبها من البلاد».
4-وقال أيضاً : كتابه «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» (1/212) : «أوطاس بفتح أوّله، وبالطاء والسين المهملتين: واد فى ديار هوازن، وهناك عسكرواهم وثقيف، إذ أجمعوا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتقوا بحنين، ورئيسهم مالك بن عوف النّصرى، وقال لهم دريد بن الصّمّة وهو فى شجار يقاد به بعيرة: بأىّ واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس. قال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، ولا لين دهس. وإلى أوطاس تحيّز فلّهم بعد أن انهزموا، ومنهم من تحيّز إلى الطائف؛ وكان دريد فيمن أدركه الطلب بأوطاس، فقتل، قتله ربيعة بن رفيع السّلمى. (وحنين ماء لهم) قالت امرأة من المسلمين لمّا هزم الله هوازن، وأظهر عليهم رسوله :
إنّ حنينا ماؤنا فخلّوه ... إن تنهلوا منه فلن تعلّوه ...هذا رسول الله لن تفلّوه»
قلتُ : قوله عن (حُنين) و (ذي المجاز) أنها من منازل هوازن أو في ديارهم غير صحيح , ولكنه وهمٌ كوهم الهمداني السابق , ولو وجده أحد المغرمين بجمع الأوهام والتصحيفات والاستدلال بها لجعل منها قضية .
5- قال : ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ) في « معجم البلدان» (1/281) : «الأَوْطَاس : يجوز أن يكون منقولا من جمع وطيس وهو التّنّور نحو يمين وأيمان، وقيل: الوطيس نقرة في حجر يوقد تحتها النار فيطبخ فيه اللحم، ويقال: وطست الشيء وطسا إذا كددته وأثرت فيه، وأوطاس: واد في ديار هوازن فيه كانت وقعة حنين للنبي، صلى الله عليه وسلم، ببني هوازن، ويومئذ قال النبي، صلى الله عليه وسلم: حمي الوطيس وذلك حين استعرت الحرب وهو، صلى الله عليه وسلم، أول من قاله، وقال ابن شبيب:
الغور من ذات عرق إلى أوطاس، وأوطاس على نفس الطريق، ونجد من حدّ أوطاس إلى القريتين، ولما نزل المشركون بأوطاس قال دريد بن الصّمّة وكان مع هوازن شيخا كبيرا: بأي واد أنتم؟ قالوا:
بأوطاس، قال: نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس، وقال أبو الحسين أحمد ابن فارس اللّغوي في أماليه: أنشدني أبي رحمه الله:
يا دار أقوت بأوطاس، وغيرها، ... من بعد مأهولها، الأمطار والمور
كم ذا لأهلك من دهر ومن حجج، ... وأين حلّ الدّمى والكنّس الحور؟
ردّي الجواب على حرّان مكتئب، ... سهاده مطلق والنوم مأسور
فلم تبيّن لنا الأطلال من خبر، ... وقد تجلّي العمايات الأخابير
وقال أبو وجزة السعدي:
يا صاحبيّ انظرا! هل تؤنسان لنا ... بين العقيق وأوطاس بأحداج؟»
6- قال القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) : «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» : أَوْطَاس بِفَتْح أَوله وادٍ في ديار هوازن، وهو موضع حرب يوم حنين
7- قال ابن قرقول (المتوفى: 569هـ) في «مطالع الأنوار على صحاح الآثار» (1/372) : أَوْطَاسٌ وادٍ في ديار هوازن، وهو موضع حرب حنين.
8-قال الكرماني في «شرح صحيح البخاري» (16/153) : اوطاس بفتح الهمزة وسكون الواو وبالمهملتين واد في بلاد هوازن .
9-نقل الحافظ ابن حجر في «فتح الباري شرح صحيح البخاري» كلام الكرماني ونقل كلام البكري ولم يخالفهم .
10- قال الفيّوميّ (المتوفى: نحو 770هـ) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : وأوطاس من النوادر التي جاءت بلفظ الجمع للواحد وهو واد في ديار هوازن جنوبي مكة بنحو ثلاث مراحل وكانت وقعتها في شوال بعد فتح مكة بنحو شهر .
11-قال القسطلاني في «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري» (6/407) : وأوطاس بفتح الهمزة وسكون الواو بعدها طاء وسين مهملتان بينهما ألف واد في ديار هوازن وفيه عسكروا هم وثقيف ثم التقوا بحنين.
قلت : وفي ما ذكرت غنية , وقد تركتُ كثير من الأقوال والأشعار لوضوح هذه المسألة .
قلتُ : أولاً : الأخ صالح هنا لا ينازع في جغرافيا المكان , ولكنه ينازع في تاريخه , وهذا أمر بسيط , فلن يستطيع أحد أن يعدّل أو يبدّل في التاريخ , لا من المتقدمين أو المتأخرين , ومع وضوح هذا الأمر لا زال الأخ صالح سائراً على نهجه في الاستدلال الذي اختطه من بداية كلامه , وهو التلبيس والتضيليل على القارئ , فهو يعزو القول إلى شخص ثم يأتي بكلام لغيره من أي مكان كان , سواء من الرافضة كما مرّ معنا وسيمرّ إن شاء الله أو من غيرهم من الدكاترة المعاصرين من غير أهل الاختصاص , ومع هذا لم يسلم هؤلاء من الأخ صالح فقد قوّلهم ما لم يقولوا , والأخ صالح هنا لم ينقل كلام الهمداني بنصّه , وإليك كلام الهمداني في كتابه «صفة الجزيرة العربية» (ص288) وهو :(منازل هذيل: عرنة وعرفة وبطن نعمان ونخلة ورحيل وكبكب والبوباة وأوطاس وغزوان فأخرجهم منه بنو سعدأخرجوها في وقتنا هذا بمعونة عجّ بن شاخ، سلطان مكة) .
أمّا الكلام الذي نقله على أنه كلام الهمداني , ليس هو من كلام الهمداني بل هو لأحد المعاصرين منقول ومصوّر من منتدى (مكشات) وهو تحت عنوان «بركة أوطاس ( البريكه ) من برك زبيده , ملتقى الحاج البصري مع الحاج الكوفي» , فقام بنقل جزأ منه , وحذف باقي الموضوع والذي ذكر فيه صاحبه أن أوطاس من بلاد هوازن . فأين الأمانة في النقل ؟!
بغضّ النظر عن عدم ذكره لكلام الهمداني , وبغضّ النظر عن تلبيسه بالكلام المصوّر , هل صالح يجهل أن أوطاس من بلاد هوازن في الجاهلية والأسلام ؟! , الله أعلم , ولكن كتب السُنة من السيرة وغيرها تطفح بذلك , فهو أمر مستفيض مشتهر إن لم يكن متواتراً عن أهل السيرة والتاريخ , فهل يحتاج صالح أن يبحث عن خطأ و وهم يتحجج به , اعلم أخي الكريم أن الأخطاء والأوهام لا تكون أدلة ولا يصح الاستدلال بها , وهناك المئات بل آلاف الأخطاء لم يأخذ بها أهل العلم بل ردوها وردوا عليها .
قال الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله في تعقيبه على كتاب «أبو ذؤيب الهذلي حياته وشعره» : «ما ذكره الهمداني عن أوطاس وأنه من بلاد هذيل , ليس صحيحاً , والهمداني قد يذكر اسم الموضع في منازل القبيلة إذا وجد أحد شعرائها يذكره في شعره , وهذا لايصح دائماً فقد يذكر الشاعر أسماء مواضع كثيرة خارج بلاد قومه .
والصحيح ما ذكره صاحب «معجم البلدان» وغيره من أنه في بلاد هوازن». انتهى كلامه من مجلة العرب (16/237) .
وقد بيّن رحمه الله أنّ للهمداني رحمه الله أوهاماً أخرى في ذكره منازل القبائل , وهناك بحوث وكتابات تعقبت كتاب الهمداني في أخطائه , في جزيرة العرب أو حتى في اليمن , فقول الهمداني هنا خطأ ووهم سواء منه أو ممن هو دونه , فقد خالف المتقدمين والمتأخرين , بل الهمداني في كلامه السابق جعل موضع (رحيل) الذي بين البصرة والنباج من منازل هذيل , ورده الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله فقال :«الرُّحيل الذي هو بين البصرة والنّباج , يقع أسفل وادي الباطن (فلج قديماً) شرق الحفر , في حدود العراق - انظر كتاب «المنطقة الشرقية» ولا أرى الهمداني مصيباً في ذكره من منازل هذيل , والهمداني قد يذكر اسم الموضع في منازل قبيلة من القبائل , إذا ورد ذكره في شعر أحد شعرائها , وهذا لا يصح دائماً , فكثيراً ما يذكر الشاعر مواضع لا صلة لها ببلاد قومه» .انتهى كلامه وأشار إلى احتمال التلبيس في ذلك .
ثانياً :أوطاس هي من بلاد هوازن ومنازلها في الجاهلية والإسلام , ففي الصحيحين وغيرها من كتب السنة الكثيرة , أحداث سريّة (أوطاس) في أيّ بلد وعلى أيّ قبيلة , ولكن سأضيف أقوال البلدانيين وغيرها .
1- روى الواقدي رحمه الله (المتوفي :207هـ) في المغازي (2/869) : «قال أبو حصين: وقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم إحدى نساء بني سعد بن بكر- إما خالة أو عمة- بنحي مملوء سمنا وجراب أقط ، فدخلت عليه وهو في الأبطح، فلما دخلت انتسبت له، فعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها إلى الإسلام، فأسلمت وصدقت، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبول هديتها، وجعل يسائلها عن حليمة فأخبرته أنها توفيت في الزمان. قال: فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سألها: من بقي منهم؟ فقالت: أخواك وأختاك، وهم والله محتاجون إلى برك وصلتك، ولقد كان لهم موئل فذهب. وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين أهلك؟ فقالت: بذَنَب (أوطاس) , فأمر لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسوة، وأعطاها جملا ظعينة ...ثم ساق بقية الخبر» .
2- روى المفضل الضبي (المتوفى: نحو 168هـ) في «المفضليات»
عن بشر بن أبي خازم وهو شاعر جاهلي , قال في هوازن :
(وكنَّا إِذا قُلْنا هَوازِنُ أَقْبِلي ... إِلى الرُّشْدِ لم يَأْتِ السَّدادَ خَطيبُها)
إلى أن قال :
(قَطَعْناهُمُ فبِاليمَامَةِ فِرْقَةٌ ... وأُخْرَى بأَوْطاسٍ تَهِرُّ كَلِيبُهَا)
فهو يذكر أن هوازن بعد حروبهم معها أصبحت بلادهم على قسمين , قسم لعلياء هوازن وهي التي في أعلى نجد والطائف وهم (بنو جُشم وبنو نصر وبنو سعد وثقيف وبعض بني هلال) , ووقسم لسفلى هوازن الذين في أسفل نجد وهم (قبائل بني عامر بن صعصعة) .
3- قال أبو عبيد البكري (المتوفى: 487هـ) (1/80) عندما تكلم عن تفرق مضر في أول كتابه «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» : قال: «فظعنت قيس من تهامة طالعين إلى بلاد نجد، إلّا قبائل منهم، فانحازت إلى أطراف الغور من تهامة , فنزلت هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس: ما بين غور تهامة إلى ما والى بيشة وبركا وناحية السّراة والطائف (وذا المجاز وحنين) وأوطاس وما صاقبها من البلاد».
4-وقال أيضاً : كتابه «معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع» (1/212) : «أوطاس بفتح أوّله، وبالطاء والسين المهملتين: واد فى ديار هوازن، وهناك عسكرواهم وثقيف، إذ أجمعوا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتقوا بحنين، ورئيسهم مالك بن عوف النّصرى، وقال لهم دريد بن الصّمّة وهو فى شجار يقاد به بعيرة: بأىّ واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس. قال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، ولا لين دهس. وإلى أوطاس تحيّز فلّهم بعد أن انهزموا، ومنهم من تحيّز إلى الطائف؛ وكان دريد فيمن أدركه الطلب بأوطاس، فقتل، قتله ربيعة بن رفيع السّلمى. (وحنين ماء لهم) قالت امرأة من المسلمين لمّا هزم الله هوازن، وأظهر عليهم رسوله :
إنّ حنينا ماؤنا فخلّوه ... إن تنهلوا منه فلن تعلّوه ...هذا رسول الله لن تفلّوه»
قلتُ : قوله عن (حُنين) و (ذي المجاز) أنها من منازل هوازن أو في ديارهم غير صحيح , ولكنه وهمٌ كوهم الهمداني السابق , ولو وجده أحد المغرمين بجمع الأوهام والتصحيفات والاستدلال بها لجعل منها قضية .
5- قال : ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ) في « معجم البلدان» (1/281) : «الأَوْطَاس : يجوز أن يكون منقولا من جمع وطيس وهو التّنّور نحو يمين وأيمان، وقيل: الوطيس نقرة في حجر يوقد تحتها النار فيطبخ فيه اللحم، ويقال: وطست الشيء وطسا إذا كددته وأثرت فيه، وأوطاس: واد في ديار هوازن فيه كانت وقعة حنين للنبي، صلى الله عليه وسلم، ببني هوازن، ويومئذ قال النبي، صلى الله عليه وسلم: حمي الوطيس وذلك حين استعرت الحرب وهو، صلى الله عليه وسلم، أول من قاله، وقال ابن شبيب:
الغور من ذات عرق إلى أوطاس، وأوطاس على نفس الطريق، ونجد من حدّ أوطاس إلى القريتين، ولما نزل المشركون بأوطاس قال دريد بن الصّمّة وكان مع هوازن شيخا كبيرا: بأي واد أنتم؟ قالوا:
بأوطاس، قال: نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس، وقال أبو الحسين أحمد ابن فارس اللّغوي في أماليه: أنشدني أبي رحمه الله:
يا دار أقوت بأوطاس، وغيرها، ... من بعد مأهولها، الأمطار والمور
كم ذا لأهلك من دهر ومن حجج، ... وأين حلّ الدّمى والكنّس الحور؟
ردّي الجواب على حرّان مكتئب، ... سهاده مطلق والنوم مأسور
فلم تبيّن لنا الأطلال من خبر، ... وقد تجلّي العمايات الأخابير
وقال أبو وجزة السعدي:
يا صاحبيّ انظرا! هل تؤنسان لنا ... بين العقيق وأوطاس بأحداج؟»
6- قال القاضي عياض (المتوفى: 544هـ) : «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» : أَوْطَاس بِفَتْح أَوله وادٍ في ديار هوازن، وهو موضع حرب يوم حنين
7- قال ابن قرقول (المتوفى: 569هـ) في «مطالع الأنوار على صحاح الآثار» (1/372) : أَوْطَاسٌ وادٍ في ديار هوازن، وهو موضع حرب حنين.
8-قال الكرماني في «شرح صحيح البخاري» (16/153) : اوطاس بفتح الهمزة وسكون الواو وبالمهملتين واد في بلاد هوازن .
9-نقل الحافظ ابن حجر في «فتح الباري شرح صحيح البخاري» كلام الكرماني ونقل كلام البكري ولم يخالفهم .
10- قال الفيّوميّ (المتوفى: نحو 770هـ) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : وأوطاس من النوادر التي جاءت بلفظ الجمع للواحد وهو واد في ديار هوازن جنوبي مكة بنحو ثلاث مراحل وكانت وقعتها في شوال بعد فتح مكة بنحو شهر .
11-قال القسطلاني في «إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري» (6/407) : وأوطاس بفتح الهمزة وسكون الواو بعدها طاء وسين مهملتان بينهما ألف واد في ديار هوازن وفيه عسكروا هم وثقيف ثم التقوا بحنين.
قلت : وفي ما ذكرت غنية , وقد تركتُ كثير من الأقوال والأشعار لوضوح هذه المسألة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق