26‏/01‏/2018

مقدمة عن موضوع الردّ على صالح بن دخيل الله .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيّد العالمين محمد وآله وصحبه أجمعين .

 ذكرني الأخ صالح بن دخيل الله بقول شيخ الإسلام في وصفه لتفسير الفخر الرازي : «إن فيه كل شيء إلا التفسير» , فهذه المشاركات وهذا السرد والكلام الكثير المتواصل منذ أكثر من شهر , فيه كل شيء إلا مسألة النقاش , فكنت أقول لعله بسبب هذه المسألة البسيطة التي أخطأ فيها , أمطر علينا مئات المسائل المشحونة بالأخطاء والأوهام والتلبيس , كي تضيع مسألة النقاش ويتفرق دمها بين المسائل  , وكي يستر ماوقع فيه من خلل وزلل , ولم يكن عندي نيّة أبداً بأن أردّ عليه , بل كنت أقول : بحسبك من شرّ سماعه , ولكنه عندما تأكدّ أنه جعل مسألة النقاش كُحْلَ باكيةٍ , وأن المسألة اختفت ملامحها ورسومها , جعل مسألة النقاش بل الموضوع برمّته عن يساره , وأخذ في موضوع آخر , مما جعل القارئ لا يدري ما هو الموضوع .
فالمسألة التي دار عليها النقاش -وهي أصل الموضوع- هي أبيات منسوبة لصخر الغي , وهي :
هم جلبوا الخيل من ألومة أو
من  بطن  عمق  كأنها  البجد
فأرسلوهن يهتلكن بهم
شطر سوام كأنها العجد
كأنهم بين عكوتين إلى
أكناف بس مجلجل برد
 واستنبط منها الأخ صالح أن بلاد هذيل تمتد من صبيا وجيزان إلى بسّ في نجد مروراً بمكة وتهامة والسراة ونجد , بل قال بالوصف على هيئة سحابة واحدة , فعلمت أن الرجل ليس عنده تصور صحيح بل ولا معرفة , لحال القبائل وتواريخها ومنازلها , وليس لديه  معرفة عن البلدان في الحجاز وتهامة خاصة , وعن بلدان جزيرة العرب عامة , كما سترى أخي الكريم .
فقلت له هذا بعيد جداً , أولاً : من جهة بعده الجغرافي عن منازل هذيل , فالعكوتان بجوار صبيا قرب جيزان , وبس في نجد , ثانياً : من جهة المعنى فكيف يمدح صخر الغي أخصامه وهم بنو خناعة بأنهم جلبوا الخيل من جيزان ومن بس وأكنافه في نجد لأجل أن يحاربوا رجلاً واحداً وهو ابن عمهم وفي ديارهم ؟ , ومالحاجة إلى الذهاب إلى أقاصي الدنيا وهو بجوارهم ؟ , ثالثاً : من جهة رواية الشعر وثبوته , وشرحتُ له الخلل في هذه الأبيات الثلاثة , مستدلاً بقول السُكري والبكري الذي ذكر هذا التصحيف ورده , فياقوت وهو من أكثر البلدانيين توسعاً في نسبة المواضع بمجرد قول الشاعر لم يقل إنهما لهذيل , للبعد الشاسع بين بلاد هذيل وعكوتين المشرفة على زبيد باليمن , وكذلك البكري الذي شكك في البيت وطعن فيه بالتصحيف , لم يقل إنهما لهذيل .

هذه هي المسألة بكل بساطة , ولكني لم أعلم أن الأخ صالح لديه مشروع سابق , وأن لديه جراب يجمع فيه من عشرين سنة عن هذا الموضوع , ثم أتى ونفض جرابه هذا جواباً على هذه المسألة المسكينة ,وهذا المشروع هو مشروع تغيير حدود القبائل التي كانت قبل 1400 سنة , وهذا أمر لا يتصوّره عاقل , لعدم جدواه ونفعه , فلن يغيّر شيئا في التاريخ الماضي ولن يغيّر شيئا في الواقع الحاضر اليوم , ثم قام بإقحام قبيلة هذيل العزيزة في النقاش , فروعها ومنازلها وأشعارها وأيامها , ثم قام بإقحام قبيلة كنانة العزيزة بأوديتها ومنازلها , ثم قام بإقحام قبيلة سُليم العزيزة بمنازلها وأيامها مع هذيل , ثم قام بإقحام قبيلة غطفان العزيزة ببلادانها , ثم قام بإقحام قبيلة تميم وأيامها ومعاركها , ثم قام بإقحام قبيلة أسد العزيزة , حتى والله لقد خشيت أن يُدخل فارس والروم في هذا النقاش , ثم قام بإقحام قبيلة هوازن العزيزة في هذا النقاش , بل كأنها هي المستهدفة من نقاشه , وهذا شيء يضرّ صالح ولا يضرّ هوازن , حتى إن منازل هوازن التي أثبتتها كتب السنة عموماً وهي في الصحاح والسيرة لم تسلم من عبثه وادعائه , فهذه الأفعال والدعاوى العريضة غير أنه عبث في كتب السنُة والسيرة والتاريخ والأدب , لا أدري ما الفائدة منها ؟ 

ولم يتوقف أخي العزيز صالح عن الكتابة في هذا الموضوع إلا قبل العشر الأواخر من رمضان , ولم أتأمل مشاركاته إلا بعد عيد الفطر , فوجد الرجل وقع في أخطاء , أولاً : في حق نفسه فإنه تكلّم في ما لا يحسنه بل في ما لا يعرفه , غفر الله له , الثاني : في حق قبيلة هذيل العزيزة , فهي غنيّة بتاريخها المشرف عن اختراعات الأخ صالح , وبلادها أشرف البلاد وأعلاها وأغلاها , فقد اختارهم الله لمجاورة بيته , وبمنازلهم وبلادهم في تهامة والحجاز كانوا يفاخرون في الجاهلية والإسلام , ولكن الأخ صالح لا يعرف المناقب والممادح والمفاخر -وسوف أتكلم عن هذه الجزئية في موضوع مستقل - ثم من أخطائه في حق قبيلة هذيل , هذا العبث في الموروث الأدبي النفيس لقبيلة هذيل بلا رقيب ولا حسيب من أدباء هذيل ومعارفهم , ومن أخطائه في حق قبيلة هذيل هذه التعميّة والتلبيس على مسميات الجبال والأودية والمياه التي في بلاد هذيل في الحجاز , والتي كثير منها في كتب السير والتاريخ والأدب , فجعلها في أماكن أخرى , مما يلبّس على الناس -وسوف أتكلم عن بعض هذه الأعلام في موضوع مستقل-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق