01‏/07‏/2020

تحديد مكان بوانة


                                          





                                    بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا .

#فوائت_بلدانية
#بوانة
#حضن
#المتفق_والمفترق_بلدانيا
.
هذه الورقات خلاصة بحث مستلة من بحث سابق عن مكان ( بُوانة ) الواردة في الحديث ، أخرجته في هذه التغريدات تلبية لبعض الأحبة ، وسوف أجعل هذه الخلاصة في رابط مستقل حتى يتيسر لا حقا خروج البحث كاملا .
.
مرّ بي ذكر - بوانة - في سنن أبي داود (‏2898‏) وعند غيره  بسند صحيح عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه ، قال : نذر رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ؟ قالوا : لا ، قال : هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟  ، قالوا : لا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك ، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ، ولا فيما لا يملك ابن آدم .
قال شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين (186): هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين. أ. هـ.
.
وفي سنن أبي داود (‏2899‏) وسنن ابن ماجه (‏2128‏)  ومسند أحمد بن حنبل (‏15184‏) وعند غيرهم من حديث عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي من أهل الطائف ، قال : حدثتني سارة بنت مقسم الثقفي ، أنها سمعت ميمونة بنت كَرْدَم ، قالت : خرجتُ مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ...إلى أن قالت : فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه ، قالت : فأقر له ووقف فاستمع منه ، فقال : يا رسول الله ، إني نذرت إن ولِدَ لي ولَدٌ ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم ، قال : لا أعلم إلا أنها قالت : خمسين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل بها من الأوثان شيء ؟ قال : لا ، قال : فأوف بما نذرت به لله ، قالت : فجمعها فجعل يذبحها ، فانفلتت منها شاة ، فطلبها وهو يقول : اللهم أوف عني نذري فظفر بها فذبحها .
قال الألباني : صحيح.
.
وفي سنن ابن ماجه (‏2127‏) وغيره  عن ابن عباس ، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني نذرت أن أنحر ببوانة ، فقال : " في نفسك شيء من أمر الجاهلية ؟ " قال : لا ، قال : أوف بنذرك.
قال الألباني: صحيح
.
فوجدت أغلب الشرّاح رحمهم الله قد تابعوا قول ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث (1/164) قال ابن الأثير : وفي حديث النذر هي بضمّ الباء، وقيل بفتحها: هضبة من وراء يَنبُع.
.
ومن توسع من الشرّاح ذكر قول البغوي في شرح السنة (10/31) : وبوانة أسفل مكة دون يلملم، يقال: كان السائل كَرْدَم بن سفيان الثقفي.
.
وهذا التحديد لمكان بوانة أثار عندي أسئلة وإشكالات ، فالسائل هو كَرْدَم بن سفيان - رضي الله عنه -  من ثقيف من هوازن من أهل الطائف ، ما السبب الذي يجعله ينذرأن ينحر في ذلك المكان البعيد عن بلاده وأهله وقومه ، فلما وجدتُ العلامة حمد الجاسر رحمه في معجم شمال المملكة (1/229) شكك أن تكون بوانة التي جهة ينبع هي المقصودة في الحديث بناء على أن هناك بوانة في بلاد بني جشم وهي أقرب للطائف ، تأكّد عندي خطأ الشُرّاح ، فقمتُ بجمع طرق الحديث ورواياته ، ثم تبيّن بالحجة والنص أن بوانة الواردة في الحديث ليست هي هذه التي عند ينبع ولا تلك التي دون يلملم ، بل هي ماء في ( حَضَن ) شرق الطائف وقريبة منه ، في بلاد قوم الصحابي ، وهي لبني جُشم بن معاوية ، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه (7/238) بسند صحيح إلى عمرو بن شعيب ، قال عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : سمعت عمرو بن شعيب يقول : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان عليه نذر أن ينحر على بوانة - قال : وبوانة : ماء بحضن من نجد - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن لم يكن وثنا أو عيدا من أعياد أهل الجاهلية فانحر عليه ، زعموا أن هذا الرجل كرز بن سفيان .
قلتُ : هو كَرْدَم بن سفيان الثقفي رضي الله عنه .

وقد وقع في جميع طبعات المصنّف تصحيفٌ ، وكذا في طبعة مركز البحوث بدار التأصيل، وهي أفضل الطبعات على قولهم ، وهو قوله : (مَاءٌ بِحْصِنٍ مِنْ نَجْدٍ).
والصحيح : ماءٌ بحَضَنٍ من نجد .

وهذا التفسير والتبيين لموقع بوانة إمّا أن يكون من ابن جريج أو من عمرو بن شعيب - وهو الظاهر - وكلاهما - رحمهما الله - حجةٌ من أهل الحجاز ، فعمرو بن شعيب فقيه أهل الطائف ، ومحدثهم ، وكان يتردد كثيرا إلى مكة ، وينشر العلم ، وله مال بالطائف ، وعبد الملك بن جريج شيخ الحرم وإمامه ومحدّث أهل مكة .
.
فقمت بجمع النصوص في أقوال أهل العلم في تحديد مكان بوانة فوجدتُ البكري - رحمه الله - في معجم ما استعجم (1/283) قد رمى بها ، فقال : بوانة بضم أوّله، وبالنون، على بناء فعالة: موضع بين الشام وبين ديار بنى عامر .
ثم عاد في موضع آخر فنقل عن السكوني نصّا جميلا ومهمّاً فقال (4/1236) : وقال السّكونىّ: إذا أردت أن تصدّق الأعراب إلى العجز، يريد عجز هوازن ... ثم ذكر ديار جُشم ، وذكر منها بوانة .
.
أمّا الزمخشري (ت 538هـ) فإنه في كتابه الجبال والأمكنة والمياه قد ذكر بوانة في ثلاث مواضع بشواهد مختلفة إشارة منه إلى تعدد هذه المواضع ، فقال :
.
(ص42) : بُوانة: ماء لجُشَم.
.
ثم قال أيضا (ص58) : بُوانة: موضع، قال :
لقد لقيَتْ شول بجنبي بُوانة
نصيّاً كأعراف الكَوادن أسحما
.
ثم قال أيضا (ص62) : بُوانة: قال السيد عُلَي : هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، وقريب منها ماء يسمى القصَيبية وماء آخر يقال له المجاز وانشد:
تراني يا عُلَي أموتُ وجداً
ولم ارعَ القرائنَ من رِئام
ولم ارع الكَرَى فمُشاوطات
واوردها المجازَ وهي ظوامي
وقال: وقد رأيتُ بوانة وترعَّيتُ فيها، قال: وكَرَى ومشاوطات خِبتان ثمّةَ ، والقرائن بُرَاق ، ورئام وادٍ تسيل فيه القرائن.ا.هـ
.
أمّا ياقوت فقد ذكر كلام الزمخشري وحديث كردم وأبيات الشماخ ووضاح ، ولكنه زاد قول أبي زياد: بوانة من مياه بني عقيل .

قال ياقوت في معجم البلدان (1/505) : بُوَانَةُ: بالضم، وتخفيف الواو، قال أبو القاسم محمود ابن عمر: قال السيد عليّ: بوانة هضبة وراء ينبع قريبة من ساحل البحر وقريب منها ماءة تسمّى القصيبة وماء آخر يقال له المجاز، قال الشّمّاخ ابن ضرار:

نظرت وسهب من بوانة دوننا
وأفيح من روض الرّباب عميق

وهذا يريك أنه جبل، وقال آخر:
لقد لقيت شول بجنبي بوانة
نصيّا كأعراف الكوادن أسحما

وفي حديث ميمونة بنت كردم أن أباها قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: إني نذرت أن أذبح خمسين شاة على بوانة، فقال، صلى الله عليه وسلم:
هناك شيء من هذه النّصب؟ فقال: لا، قال: فأوف بنذرك، فذبح تسعا وأربعين وبقيت واحدة فجعل يعدو خلفها ويقول: اللهم أوفي بنذري، حتى أمسكها فذبحها، وهذا معنى الحديث لا لفظه. 
وبوانة أيضا: ماء بنجد لبني جشم، وقال أبو زياد: بوانة من مياه بني عقيل.
 وقال وضّاح اليمن:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا
إذا نام حرّاس النخيل، جناكما
وحسناكما زادا على كلّ بهجة
وزاد على طيب الغناء غناكما .انتهى كلامه
.

قلتُ : ثم وقفتُ أثناء البحث على عدة مواضع تسمّى ببوانة  -وهي من المتفق والمفترق-  :

1- بوانة ماء بحضن وهي المقصودة في حديث النذر

وهي موضوع البحث ، وسأتكلم عنها  وأحدد مكانها بإذن الله .


2- بوانة في جهة ينبع
وهي المشهورة في هذا الزمان بهذا الاسم ، وهذا موضعها : 👇

.

https://www.google.com/maps/place/%D9%88%D8%A7%D8%AF%D9%8A+%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%A9+Bawana+Valley%E2%80%AD/@24.7410523,37.3378419,1069m/data=!3m1!1e3!4m5!3m4!1s0x15b9ff865a6a1c7d:0xa07542e4d2362ba!8m2!3d24.7414795!4d37.3400402

.

3- بوانة في بلاد فزارة

قال الحازمي في ما اتفق لفظه وافترق مسماه (1/158) : يَرَعَةَ:  أوله ياء تحتها نقطتان مفتوحة ثُمَّ راء مفتوحة أيضاً : موضع بين بُوانة والحُراضة، في ديار فزارة، وهو من أعمال والي المدينة.

قلتُ : لعلها هي المقصودة في قول الشماخ بن ضرار وهو من بني ثعلبة من غطفان : 
.
  نظرتُ وسهبٌ من ( بُوانةَ ) بيننا
وأَفْيَحُ من رَوضِ الرُّبابِ عميقُ 
.
وفي قول الخصفي من محارب واسمه عامر المحاربي يخاطب بني ثعلبة من غطفان : 

أثعلبَ لولا ما تدعَّونَ بينَنا
من الحلفِ قد سُدَّى بعقدٍ وأُلحما
لقد لقيتْ شولٌ بجنبَي ( بُوانةٍ )
نصيّاً كأعرافِ الكوادنِ أسحما

وديار ثعلبة حول المدينة وهي ملاصقة لديار فزارة .

قال الشيخ حمد الجاسر بعد كلام الحازمي السابق (158/1) : والحراضة وبوانة موضعان يقعان شمال بلاد ينبع ، ولا يزالان معروفين ، ولكنهما ليسا من بلاد فزارة في ذلك العهد ، بل من بلاد جهينة غرب بلاد فزارة .
.
قلتُ : الأشعار تدلّ على وجود اسم بوانة في بلاد غطفان ، وهي غير التي جهة ينبع ، والله أعلم .


4- بوانة التي حول مكة ، قيل: صنمٌ ، وقيل: المكان الذي فيه الصنم .

فمن النصوص التي تدل على أنه مكان الصنم :

ما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد (‏358‏) في حديث ابن عباس قال : حدثتني أم أيمن قالت : كان ببوانة صنم تحضره قريش تعظمه تنسك له النسائك ويحلقون رءوسهم عنده ويعكفون عنده يوما إلى الليل ، وذلك يوما في السنة .

ولكن وقع في بعض روايات هذا الحديث عنها : كان بوانة صنما تحضره قريش يوما في السنة .

وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (‏364‏) عن محمد بن جبير بن معطم ، عن أبيه قال : كنا جلوسا عند صنم ببوانة قبل أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهر.


ومن النصوص تدلّ على أنه صنمٌ :

ما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد أيضا : بثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا إلى الأصنام التي حول الكعبة فكسرها ، منها : العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين .

وفي الطبقات الكبرى لابن سعد (‏3940‏) عن حجير بن أبي إهاب قال :  رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بوانة بعدما رجع من الشام وهو يراقب الشمس ، فإذا زالت استقبل الكعبة فصلى ركعة وسجدتين ...الخ .

وفي أنساب الأشراف (1/185) :  أن حسان بن ثابت قال: حججت- أو قال: اعتمرت- فرأيت بلالا في حبل طويل، تمده الصبيان، ومعه فيه عامر بن فهيرة ، وهو يقول: أحدٌ أحدٌ ، أنا أكفر باللات والعزى وهبل وإساف ونائلة وبوانة. فأضجعه أمية في الرمضاء.

وفي سبل الهدى (2/181) : قال ابن إسحاق: واجتمعت قريش في عيد لهم عند صنم من أصنامهم. قال محمد بن عمر الأسلمي: وهو بوانة، كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون به، وكان ذلك عيدا لهم في كل سنة يوما.

وفي عيون الأثر (1/56) : ذكر الواقدي عن أم أيمن قالت: كانت بوانة صنما تحضره قريش وتعظمه وتنسك له وتحلق عنده وتعكف عليه يوما إلى الليل في كل سنة.

فإذا كان موضعاً فلا أدري هل هو الذي جهة ينبع أو الذي جهة يلملم أو غير ذلك .


5- بوانة في جهة يلملم :

قال البغوي في شرح السنة (10/31) : وبوانة أسفل مكة دون يلملم .

وفي المؤتلف والمختلف لابن القيسراني (159) : وقال بعضهم بوانة بضم الباء والتخفيف وهي أسفل مَكّة .

اليوم يوجد مواضع باسم بوانة في تلك الجهة ولكنها وراء يلملم وليس دونها ، ومنها هذه الأماكن : 
.
1-هذا مسيل بوانة :👇
.
https://www.google.com/maps/place/20%C2%B036'50.0%22N+40%C2%B029'25.8%22E/@20.613897,40.4910442,179m/data=!3m2!1e3!4b1!4m6!3m5!1s0x0:0x0!7e2!8m2!3d20.6138971!4d40.4904967
.
2-وهذا مسيل بوانا :👇
.
https://www.google.com/maps/place/20%C2%B038'37.8%22N+40%C2%B029'05.9%22E/@20.643842,40.48579,267m/data=!3m2!1e3!4b1!4m6!3m5!1s0x0:0x0!7e2!8m2!3d20.6438422!4d40.4849746
.
3- وادي بوان :👇
.
https://www.google.com/maps/place/20%C2%B028'35.8%22N+40%C2%B013'52.4%22E/@20.476605,40.2323873,386m/data=!3m2!1e3!4b1!4m6!3m5!1s0x0:0x0!7e2!8m2!3d20.4766053!4d40.2312096

.

6- بوانة في جهة القنفذة .
.
1- شعيب بوانة يدفع في وادي قنونا ، وهذا موضعه : 👇

.
https://www.google.com/maps/place/19%C2%B019'37.6%22N+41%C2%B034'17.7%22E/@19.3274775,41.5719847,379m/data=!3m1!1e3!4m6!3m5!1s0x0:0x0!7e2!8m2!3d19.3271056!4d41.5715947

.

7- بوانة في اليمن ولعلها أكثر من واحدة

قال فيها وضاح اليمن :

أيا نخلتيْ وادي بوانة َ حبذا
إذا نَامُ حُرَّاسُ النَّخِيلِ جَنَاكُما

وهناك من ينسبها لعمر بن أبي ربيعة .
.
وقال الهجري في التعليقات والنوادر (729) : سألته عن بُوانة في بيت ابن العرقوب الحِماسي ، وليس ببوانة حَضَنٍ :

ألا هَلْ أتى مَنْ حَلّ بطن حَبَونَن
ونَجُرآنَ أخبارُ الأمُورِ الجَسايم
 بأنَّا رَحَلنا العيسَ من ذي بُوانَةٍ 
وثَجْرٍ على رأي منَ القوم حَازمِ

فقال : بوانة فُرطٌ والفرط أطراف الجبل إذا انقطع في الرمل ، والجميع الأفراط ، وسمي الفرط أيضا العانّ والجميع العوان ، من جبال دُهْرٍ وهو وادٍ للقوادم من كندة ، بين رَخيّة وبين مُطار ، عن حضرموت بيوم ، ورَخيّة به القُرى ، ومُطار وادٍ خالٍ ، قال الهجري : وهذا كلّه أقصى الضاحية وأول بلاد حضرموت .ا.هـ

قلتُ : قول الهجري : وليس ببوانة حَضَنٍ ، يدلّ أن بوانة حضن هي المشهورة .
.
والحماسي بكسر الحاء نِسبَة إلى الحماس بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب بطن من مذحج منهم النَّجَاشِيّ وجعفر بن عُلّبة وابن ذي العرقوب
.
.
أمّا بوانة التي في بلاد جشم فقمتُ بالبحث ووجدت بعض النصوص التي تنصّ عليها :
.
1- قول عمرو بن شعيب وهو أحد رواة الحديث قال بعد أن ذكر حديث النذر : بُوَانَةُ: ماءٌ بحَضَنٍ من نجد .

2- قول الهجري السابق : بوانة حَضَنٍ .

3-قال في مقاييس اللغة (1/323) : وبُوَانَةُ: وَادٍ لبني جُشَمَ.

4-قول الزمخشري : بُوانة: ماء لجُشَم.

5- قال نصر في الأمكنة (1/214) : موضعٌ قريب من مكة لبني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن .

6-قال حميد بن ثور الهلالي وهو راجع من الحجّ ، يصف مطاياهم بعد ما كابدن من السير والسرى :

وأصبحْنَ يستأنِسنَ من ذي بُوانةٍ
قَرىً دونَهُ هابِي الترابِ عميقُ

فإن طريقه إلى بلاده التي جهة شمظتين في حرة بني هلال لابد له أن يسلك مع الريع الذي يقطع حضن ، إذن بوانة في هذا الريع .

قوله : يستأنِسنَ أي ينظرن
قوله :قَرىً  أي قرا حرّة بني هلال ، وهو أعلى الحرّة ، فإذا خرج من الريع مشرّقا يلوح له القرا كأنه سنامٌ ، ويكون بين عينيه .
.

وهذا مكان الريع : 👇
.

https://www.google.com/maps/place/21%C2%B030'00.8%22N+41%C2%B020'45.7%22E/@21.5008796,41.3467062,714m/data=!3m1!1e3!4m6!3m5!1s0x0:0x0!7e2!8m2!3d21.5002079!4d41.3460261



.

كلمت الأخ أبا عبد العزيز فالح بن عايض الطريفي البقمي ، من أهل تربة ، عن ( بوانة ) فسأل كبار السن فقالوا : نسمع بها إلى قريب ، فعلمتُ أنّ الاسم لا زال حيّا ومعروفاً ، ولم أتمكن من التقصي في معرفة مكان ( بوانة ) ذلك الوقت ، فسألتُ أخي الأستاذ والباحث عبد الله الحمياني عنها فسأل عنها غَزَّاي بن مَدْوَخ بن عآضَة المرزوقِي البقمي ، فقال له :هي بئر معروفة إلى اليوم وهي هلالية (أي قديمة) وهي بئرهم في هذا الريع ، وزودني بمكانها فله جزيل الشكر على أياديه البيضاء وعلى ما يبذله في هذا العلم .
.
وهنا أمرٌ مهم أن هذه البئر قد سُميّت في السنوات الأخيرة ( مُقبلة ) فلولا هذا التوثيق من سؤال الأستاذ عبد الله للشيخ غزاي بن مدوخ ، لذهب الاسم واندرس فجزاهما الله خيرا.
.
وهذا مكان بوانة حضن : 👇
.
https://www.google.com/maps/place/21%C2%B029'56.8%22N+41%C2%B021'31.8%22E/@21.499102,41.3593662,163m/data=!3m2!1e3!4b1!4m6!3m5!1s0x0:0x0!7e2!8m2!3d21.4991021!4d41.3588193
.

وردت في بعض الروايات أن الذبح على رأس بوانة ، وورد لفظ جبل أو ثنيّة أو ماء ، كما ورد أن بوانه واد ، وهذه تجتمع في مكان واحد فلا تعارض بينها ، فلعل قوله : وَادٍ لبني جُشَمَ ، أراد به هذا الريع ، والله أعلم . 

وورد أيضا على (رأس بوان) ، كما عند أبي نعيم في المعرفة .

وقد تحذف الها كما قال الزّفيان :

أَمَّا تَذَكَّرتَ مِنَ الاَظعانِ
طَوالِعاً مِن نَحوِ ذِى بَوَانِ

قال ياقوت بعد هذا البيت (1/503) : وقد ذكر بعضهم أنه أراد بوانة المذكورة.

واستبعاد بعض الفضلاء لهذا القول لا وجه له ، فبوانة حضن مشهورة ، وعلى طريق مهم يقطع حرة حضن وهو الرّيع ، حتى وإن كان الزفيان سعديّاً من بني تميم ، فهو أيضاً شاعرٌ إسلامي لا كما يقول بعضهم : إنه شاعر جاهلي ، فلا يستبعد أن تكون هي المقصودة في رَجَزه هذا ، والله أعلم .
.
وورد تأنيث الماء ، فقال في تاج العروس (288/34) : (ماءَةٌ لبَني جُشَمَ) بن مُعاوِيَةَ بنِ بكْرِ بنِ هوَازن بالقُرْبِ من مكَّةَ؛ قالَهُ نَصْر.
قلتُ : تأنيثه لها يدلّ على أنها ليست عِدّاً أو ماءً كبيراً ، كما يقول الناس اليوم : مُويْهة ، تصغيرا لها وتقليلا ، وهذا يوافق بئر بوانة التي في الريع .
.
والله أعلم .


                       وكتب

            حمود بن مطلق الدغيلبي

     مكة المكرمة حرسها الله ورفع الوباء عنها

             يوم الأربعاء 10-11-1441هـ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق